محتملا؛ لأن يكونوا أرادوا السلام حقيقة، أو معنى آخر يقاربه، وعلى تقدير أن يريدوه فهو سلام لمجرد [... ] فأزال المصدر الاحتمال الأول وبقي الثاني، قلت: التأكيد بالمصدر يزيل الشك عن الحديث فقط، والأمر أن يصيره كلام إبراهيم ويقوم مقام الثبوت فيه، فلما كان أبلغ فلا جواب عنه إلا ما قلنا، وتقدم في سورة هود تمام الكلام في هذا. الفخر في سورة براءة عند قوله تعالى: (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ) في قول الرجل لغيره: (سلام عليك) لطائف، قال: ذكرتها وإن كان لا يناسب ذكرنا هذا الموضع خشية أن تضيع.
قال: قوله: (سَلامٌ) نكرة فيها معنى التعظيم الابتداء به؛ لأن في الكلام حذف صفتها، أي سلام تام كامل والخبر عليكم، أو هو صفة لسلام والخبر مقدر أي [كأئن*]، وقد يترجح حذف الخبر لقصد التهويل والتعظيم، وجوابه وعليكم السلام على عكس الترتيب الأول، وسببه قول سيبويه: إنهم يقدمون الاسم وأيضا فلدلالة على الحصر فيكون الجواب أبلغ، لقوله تعالى: (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا)، وأما [مقول الرجل لغيره السلام عَليك معرفا*]، فالسلام لفظ مفرد يحلى بالألف واللام لَا يفيد إلا أصل الماهية ولا إشارة له بالأحوال العارضة لها، فإذًا كان التنكير أبلغ، وكذلك حيث ما جاء لفظ السلام من الله تعالى ورد منكرا، وإنما ورد معرفا من قول [عيسى*] صلى الله على نبينا محمد وعليه وسلم: (وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ)، وكذا اختار الشافعي في التشهد تنكير السلام، قال: وسبب مشروعية السلام بين المتلاقيين ليحصل به لكل واحد منهما اعتقاد سلامته من الآخر؛ لأن الأصل في طبع الجيران الشر على الصحيح، ودفع الشر أهم وآكد من جلب الخير، قلت: ومنه قول المتنبي:
الظُلْمُ من شيَمِ النّفوسِ فإن تجِدْ... ذا عِفَّةٍ [فلِعلَّةٍ*] لا يظْلِمُ
قال: وقوله: (عليكم) تقتضي مخاطبة جماعة، وذلك أن الإنسان لَا يخلو عن الحفظة من الملائكة وأرواح مجانسة له.
قوله تعالى: ﴿فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (٢٦)﴾
يدل على أن هذا العجل كان مشويا [... ] منه أهله، وأنه كان من عادته تهيئة الطعام [**برسم] من يرد عليه، أو أتاهم بما كان معدا لأهله.
قوله تعالى: ﴿فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً... (٢٨)﴾