إشارة إلى تغليظ العذاب وشدته، وأنه إذا كان بتحقق وقوعه مع استحضار مقام التربية والحنان والشفقة، فأحرى مع استحضار مقام الجبروت والعزة والقوة والانتقام.
وقال الفخر: ذكر الرب إشارة إلى أن المكلف لَا يزال طامعا في رحمة الله راجيا عفوه.
قوله تعالى: ﴿يَوْمَ تَمُورُ... (٩)﴾
قال مكي: العامل فيه (واقع) ولا يصح أن يعمل فيه (ما له من دافع).
قال أبو حيان: ولم يبين له وجها، انتهى. توجيهه أن القضية السالبة عند المنطقيين لَا تقتضي وجود الموضوع ولا إمكان وجوده.
فإذا قلت: ليس زيد بقائم أمكن أن يكون جالسا وأن يكون معدوما، فأثبت أولا وقوع العذاب بالإطلاق أعم من أن يكون في ذلك أو غيره، ثم أخبر أنه ليس له [دافع*] في ذلك اليوم، ونفي [الدافع أعم من وجود المدفوع*] في ذلك اليوم وهو العذاب أو عدم وجوده، وإذا كان العامل فيه أن عذاب ربك لواقع اقتضت الآية إثبات وقوع العذاب في ذلك اليوم، وفي الآية رد على [الطبائعيين*] القائلين بأن هذه السماوات لَا تقبل الانفطار ولا الزوال، بدليل [تأكيد*] تمور بالمصدر فدل على أنه حقيقة لَا مجاز.
فإن قلت: قدم هنا السماء على الجبل، وعكس في أول السورة فقدم الجبل على السماء؛ لأنه قدم الطور على السقف؟ فالجواب: بما أجاب به ابن مالك، في قوله تعالى: (أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ)، قال: العادة أن الإنسان إذا [أحسَّ] بأمر مهول مخوف فأول ما ينظر إلى جهة فوق ثم ينظر إلى أسفل، وهذه الآية جرت مجرى التخويف فابتدأ فيها بما [ينظر*] إليه الإنسان أولا، واليوم يحتمل أن يراد به اليوم المعهود والذي هو دورة أو نصف دورة، والمقدار الحالي من الزمان كما أراد زهير في قوله: وأعلم علم اليوم، فيكون المراد مقدار زمن المور والسير، والظاهر الأول ليكون اليوم أوسع من ذلك يسعه ويسع غيره.
قوله تعالى: ﴿يَوْمَ يُدَعُّونَ... (١٣)﴾
بدل من اليوم الأول، إما بدل شيء من شيء إن كان الأول بمعنى الدورة أو نصف الدورة، وإما بدل بعض من كل إن كان الأول بمعنى المقدار من الزمان، ويكون الأول أوسع زمنا من الثاني.
قوله تعالى: ﴿أَفَسِحْرٌ هَذَا... (١٥)﴾