أي يقال لهم: (أَفَسِحْرٌ)، والمعطوف عليه مضموم، والتقدير أنتم مقيمون على إنكار [أفهذا*] سحر أم أنتم مقرون أنكم كنتم لَا تبصرون.
قوله تعالى: ﴿اصْلَوْهَا... (١٦)﴾
صيغة أفعل هنا للإهانة، قال ابن التلمساني: وفي (فَاصْبِرُوا) التسوية.
الزمخشري: فإن قلت: لم علل استواء الصبر وعدمه، بقوله تعالى: (إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) قلت: لأن الصبر إنما يكون له مزية على الجزع لنفعه في العاقبة بأن يجازى عليه الصابر جزاء الخير، فاما الصبر على العذاب الذي هو الجزاء ولا عاقبة له ولا منفعة فلا فائدة فيه، انتهى، تقرير السؤال أن المشاهد في الدنيا أن الصابر على البلاء أحسن حالا من الذي لم يصبر، فمساواة الصبر لعدمه سبب في مدح الصابر لَا في التخفيف عليه في العذاب ولا في تشديده عليه، فأجاب: بأنه قد يتوهم أن الصبر سبب في المكافأة عليه بتخفيف العذاب، فقال: إنما تجزون عملكم موجب، ويحتمل أيضا أن يجاب بأن قوله تعالى: (إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) تعليل للحكم بمساواة الصابر لغير الصابر في العذاب، والسؤال إنما يرد إذا جعلناه تعليلا للمساواة، وتعليل الحكم بالمساواة لأنا نجد بعض النَّاس يصيبه الألم فيعظم قلقه ولا يصبر، وآخر يصبر على الشدائد العظام فيكون ذلك سببا لحقة الألم عنه وهو أحسن حالا من الأول، فأخبر الله تبارك وتعالى أن هؤلاء عوقبوا بأمرين بالعذاب، ويجعل صبرهم مساويا لعدم صبرهم في أنه لَا فائدة تنشأ عنه، ومعنى (إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي جزاء عملكم، وفيه من الترك فعلي، وهي مسألة اختلف فيها في الأصول والفروع.
قال الفخر في المعالم: مذهب المعتزلة أن الترك فعل، ويلزم منهم عليه الكفر، وهو أن البارئ عز وجل [بكون*] الأزل فاعلا فيلزم عليه قدم العالم، [وعدم حدوثه*] [وحرر*] في كتاب القيد من ذلك مسائل كثيرة، وعبر في تعملون بلفظ للتصوير.
قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (١٧)﴾
الزمخشري: أي في (جَنَّاتٍ)، (و) أي (نَعِيمٍ) بمعنى الكمال في الصفة، أو في جنات ونعيم مخصوص بالمتقين، انتهى، أراد أنه إذا صدق مقيدا صدق مطلقا، كما قال المنطقيون في سفينة من حجراتها يصدق عليها سفينة، وقوله (فِي جَنَّاتٍ)