بالأصالة، وادعوا أنهم خلقوا السماوات والأرض، أشنع من دعوى خلقهم أنفسهم، لأن خلقهم أنفسهم أمر نظري؛ بدليل مخالفة المعتزلة في بعض ذلك، لقولهم: إن العبد يخلق أفعاله، ودعوى أنهم خلقوا السماوات والأرض يعلم كل عاقل بطلانها للضرورة، إذ لم يخالف في ذلك أحد.
فإن قلت: لم يقل أحد بنفي الخلائق أصلا؟ قلت: ذكر ابن الخليل في مناظرته أن الباقلاني رأى بعض الدهرية وناظرهم.
قوله تعالى: ﴿فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ... (٣٨)﴾
أسند الاستماع أولا إلى جميع الكفار، [وأخرى*] إلى بعضهم؛ لأن جميعهم يطلب الاستماع، فلا يصل إليه [إلا*] بعضهم، وإنَّمَا الحاصل لهم إنما هو استماع إن حصل لا علم.
قوله تعالى: ﴿أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ... (٣٩)﴾
أتى بضمير الغيبة [لخسة*] المعادل له، وإلا فالأصل التكلم، وظاهر الآية تشريف مقام الجلالة عليهم.
وقال ابن عطية: الآية تشريف وتعظيم للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وتفضيل [له*] عليهم.
قوله تعالى: ﴿أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (٤٠)﴾
عبر أولا بلفظ المغرم بالنسبة إلى مقامهم واعتقادهم بطلان ما أتاهم به، ويؤخذ عدم جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن، لأن فيه إهلاك بالمغرم، لأن بعض النَّاس يتعذر عليه ما يعطي للمعلم.
قوله تعالى: ﴿فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ (٤٢)﴾
عبر بالاسم الظاهر، ولم يقل [فهم المكيدون*] ليفيد العموم في كل من اتصف بصفاتهم؛ وليخرج بذلك من أسلم منهم، [فلا يكون مكيدا*].
قوله تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ... (٤٣)﴾
هم [مقرون*] بوجود الله [المقر بوجود*] نعمته، فلما ادعوا الشريك كان من لوازم ذلك نفي الآلهة، ويؤخذ منه أن لازم المذهب مذهب.
قوله تعالى: (سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ).


الصفحة التالية
Icon