قيل: إنما توهموا أن كيدهم يغني عنهم في الدنيا، وأما الآخرة فلم تخطر ببال لأنهم يجحدونها، ولا ينتفي إلا ما يدعيه الخصم، فكيف نفى عنهم الانتفاع بكيدهم في الآخرة؟ أجيب: بأن النفي على قسمين: تارة يتعلق بما هو ثابت باعتبار دعوى الخصم، وتارة يتعلق بما يقتضي الحال ثبوته، والنفي هنا تعلق [بالثاني*] لَا بالأول، لأنهم [لا*] ينتفعون به إلا في الآخرة.
قوله تعالى: ﴿عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ... (٤٧)﴾
أي قريب الوقوع لَا أخف، كما قال الفخر: إذ لَا يناسب مقام الوعيد والإنذار.
قوله تعالى: (وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ).
(الأكثر) إما على بابه أو بمعنى الجميع، وعاقبهم على الجهل لتمكنهم من العلم.
قوله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ... (٤٨)﴾
الحكم قسمان:
أحدهما: الإرادة القديمة الأزلية.
والثاني: متعلقها وآثارها.
قوله تعالى: (بِأَعْيُنِنَا).
جمع هنا الأعين، وفي سورة طه (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي)،
والجواب: أن الخطاب [هناك*] لموسى صلى الله على نبينا محمد وعليه وعلى آلهما وسلم، والخطاب هنا لنبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والجمع زيادة في حفظه وتعليمه.
وقال الزمخشري: جمع الأعين هنا لإضافتهما إلى ضمير الجمع، وأفردها في طه، لأن الإضافة إلى مفرد.
* * *