لم يقل: ما زاغ بصر محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، إشارة أن ذلك المرئي [... ]. نفسه، بحيث أن لو كشف عن بصر كل أحد من النَّاس، قال شيخنا: نقلت أيضا من خطه ما طغى ليس بتكرار، لأن الزيغ إدراك بعض المرئي، وميل البصر عن إدراك باقيه، والطغيان إدراك الشيء أكثر مما هو عليه، أو أكثر مما هو في عدده انتهى، وتكرير [لفطة*] (ما) لوجهين:
الأول: أن عدم ذكرها يوهم ثبوت المعطوف.
الثاني: إفادة [نفيهما*] مجتمعين ومفترقين، كما قال السهيلي.
قوله (أَفَرَأَيْتُمُ... (١٩).. ، ابن عطية: هي من رؤية العين، أي أفأبصرتم، أبو حيان: أي أفعلتم، ومفعولها الأول (اللَّاتَ)، والثاني: (أَلَكُمُ الذكَرُ وَلَهُ الأنْثَى)، الطيبي: قال الزجاج: إن المعنى أخبروني عن اللات والعزى ومناة أهن كسائر المخلوقات، أو لهن [خصوصية*] انتهى، والمعطوف عليه بالفاء مقدر تقديره على قول الزجاج: أنظرتم وتأملتم فرأيتم اللات والعزى ومناة، أي فأخبروني عن هذه الجمادات، وعلى قول ابن عطية: أعرفتم ما دلت عليه هذه المخلوقات فأبصرتم اللات، الطيبي: والأخرى ليست تأنيث آخر، لأنه لَا يوصف بآخر إلا ما كان من جنس الأول في اللفظ، تقول: رأيت رجلا ورجلا آخر، وعالما وعالما آخر، ولا تقول: رأيت رجلا وثورا آخر، قال: هو مجازا لَا حقيقة.
قوله تعالى: ﴿تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (٢٢)﴾
أي اختصاصكم بالذكور، وإن كان قسمة فهي أفادت قسمة [جائرة*]، فإن قلت: ما أفادت إذا قلت الدلالة على الجزاء، فإن قلت: الجزاء من فعل المخاطب، كقولك لمن قال: [آتيك غدا*]: إذا أكرمك، فالجواب: من فعل المتكلم كقولك: لمن قال: آتيك إذا تجدني، قلت: وقد يكون الجزاء من فعل المتكلم، كقولك لمن قال: آتيك غدا [تصب*] خيرا، وكذلك هنا جوزوا على فعلهم بالتهديد [... ] بأنها قسمة ضيزى. فإِن قلت: هذا كما يقول ابن الحاجب: مسلكان على [الشرك*] فقبح عليهم [نسبتهم*] الأولاد إلى الله، ثم على [فرض*] تسليم ذلك جدلا، فإنما حقهم كان أن ينسبوا إليه الأشرف لَا الأدنى. قوله: (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ... (٢٣).. ، قالوا: يحتمل أن يعود الضمير على مجرد الأسماء المتقدمة، أو عليها من حيث مدلولاتها، فالمعنى أن هذه