يحتمل أن يراد بها السبع الموبقات، فيكون من عطف الخاص على العام، ووقف الشيخ عز الدين عن التفريق بين الصغيرة والكبيرة، وفرق غيره بينهما بأن الكبيرة ما رتب الشارع على فعله حد شرعيا من ضرب أو سجن أو نحوه، أو ما لُعِن فاعله، أو ما توعدهم عليه، والصغيرة ما عدا ذلك، قال الشيخ عز الدين: وإذا وجدت غير هذا فانظر عقوبته، فإن كانت مساوية [لهذه*] الثلاثة فهي كبيرة، [وإلا*] فهي صغيرة، انظر ابن عطية في سورة النساء في قوله تعالى: (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ).
قوله تعالى: (هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ).
وجه مناسبتها لما قبلها أن الواحد منا في الشاهد إذا عفى عن ظالمه، فإِنما يعفوا عنه عالما بجهله بحقيقة ما فعل، ولو تحقق ذلك لما عفى عنه، فأشار إلى أنه تعالى واسع المغفرة، مع كمال علمه بحقائق الأمور، وتفاصيلها، وأعلم هي على بابها من المشاركة، أو هما متباينان، فإِن قلت: [إذ أنشأكم*] معمول (أعلم) ولا مشاركة حينئذ، قلت: الملائكة يتشاركون، فإن قلت: كيف والملائكة تقول: أي رب مضغة، أي رب علقة، أما الرزق ما الأجل وشقي، أو سعيد، وذكر أو أنثى، قلت: كل علم إنما هو [بخلق الله تعالى*]، فالملك يسأله ويعلمه حينئذ.
قوله تعالى: (فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ).
إفادة الإشارة إلى تطور الخلق بعد آدم في الأرحام، وفيه مبالغة في تعلق علم الله بالخفي، فإن قلت: هلا علق علمه تعالى في الظهور فهو أخفى، وقال تعالى (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ)، وهي حالة لم [يدَّعِ أحدٌ*] مشاركة في العلم؛ بخلاف حالة كون الإنسان في بطن أمه، فإن بعض أهل [العلم*] يزعم أنه يعلم كونه ذكرا أو أنثى، ويعلم هيئته التي هو عليها، والجنين [**ما يصير] في البطن حتى يكون في الظهر، قلت: أخبر عن تعليق علم الله تعالى بحالة ابتداء الإنسان، ولتلك الحالة ثلاثة أمور: حالة الإنشاء، وحالة كون النطفة، وحالة انتقالها إلى البطن، فأخبر بتعليق علمه بأول ابتداء وآخره، ليفيد عموم التعلق بما بينهما [كقولهم*]: مطرنا السهل والجبل، لَا فائدة إلى الإحاطة.
قوله تعالى: (فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ).
استثنوا منها التعديل، قالوا: وينبغي للإنسان أن يخبر نفسه، وذكروا الخلاف في التزكية، هل تكون في السر والعلانية؟ أو في السر فقط؟ أو في العلانية فقط؟ قال: في كتاب الأقضية من المدونة ولا [يقضي*] بشهادة الشهود حتى يسئل عنهم في السر أو