العرشُ نفسُه (١)، وقالَ ابنُ عطيةَ (٢): والذي تقتضيهِ الأحاديثُ أن الكرسيَّ مخلوقٌ عظيم بينَ يَدَيِ العرشِ، والعرشُ أعظمُ منهُ، قال أبو ذَرٍّ -رضي الله عنه-: سمعتُ رسولَ الله - ﷺ - يقولُ: "مَا الْكُرْسِيُّ فِي الْعَرْشِ إِلَّا كَحَلْقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ أُلْقِيَتْ فِي فَلاَةٍ مِنَ الأَرْضِ" (٣) ومعنى قوله: ﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ أي: سَعَةً مثلَ سَعَةِ السمواتِ والأرضِ في العظم.
﴿وَلَا يَئُودُهُ﴾ لا يُثْقِلُهُ، ولا يَشُقُّ عليه.
﴿حِفْظُهُمَا﴾ أي: حفظُ السماواتِ والأرضِ.
﴿وَهُوَ الْعَلِيُّ﴾ المتعالي عن الأشباهِ والأندادِ.
﴿الْعَظِيمُ﴾ الذي ليسَ شيْءٌ أعظمَ منه.
﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٥٦)﴾.
[٢٥٦] ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ نزلَتْ في أهلِ الكتابِ إذا قَبِلوا الجزيةَ، وذلكَ أن العربَ كانت أمةً واحدة (٤) أُميةً، فلم يكن لهم كتابٌ، فلم يُقبل منهم إلا الإسلامُ، فأسلموا طوعًا أو كرهًا، فلما أُنزل: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾

(١) رواه الطبري في "تفسيره" (٣/ ١٠).
(٢) انظر: "المحرر الوجيز" (١/ ٣٤٢).
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (٣/ ١٠)، وأبو الشيخ في "العظمة" (٢/ ٥٨٧).
(٤) "واحدة" زيادة من "ن".


الصفحة التالية
Icon