جعلَتْهُ من سَدَنَةِ بيتِ المقدِسِ، والنذرُ: ما يوجِبُهُ الإنسانُ على نفسِه، وتقدَّم الكلامُ عليه، والخلافُ فيه في سورة البقرة، والمحرَّرُ: المُعْتَقُ؛ من الحُرِّ، والحرُّ في الحقيقةِ الذي لم يُمْلَكْ، فأرادتْ أن تجعلَه حُرًّا من كلِّ شيءٍ عبدًا مخلِصًا لله. تلخيصُه: أَوْجَبْتُ عَلَيَّ أن الذي في بطني عتيقٌ مفرَّغٌ لعبادةِ اللهِ تعالى، لا أشغلُه بشيءٍ من الدنيا.
﴿فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ﴾ لِدُعائي (١).
﴿الْعَلِيمُ﴾ بِنِيَّتي، فماتَ عمرانُ وهي حاملٌ بمريمَ، وكانَ من رؤوسِ بني إسرائيل وأحبارهم. قرأ عاصمٌ، وحمزةُ، والكسائيُّ، وخلفٌ، وابنُ عامرٍ، وابنُ كَثيرٍ، ويعقوبُ (مِنِّي إِنَّكَ) (لِي آيَةً) بسكون الياء، والباقون: بفتحها (٢).
﴿فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (٣٦)﴾.
[٣٦] ﴿فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ﴾ معتذرةً وظنًّا أن نذَرها لا يُقبل؛ لأُنوثَتِهِ.
﴿رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ﴾ قرأ ابنُ عامرٍ، وأبو بكرٍ عن

(١) في "ن": " ﴿فَتَقَبَّلْ﴾ لدعائي ﴿مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ ".
(٢) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٢٢٢)، و"الكشف" لمكي (١/ ٣٧٤)، و"الغيث" للصفاقسي (ص: ١٧٥)، و"التيسير" للداني (ص: ٩٣)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٢٤٧)، و"معجم القراءات القرآنية" (٢/ ٢٢).


الصفحة التالية
Icon