ألفًا إلى أن سكنَ دمُه، وقبرُه عندَ قبرِ والدِه، على الخلافِ المتقدِّم، وبينَ وفاتِه والهجرةِ الشريفةِ الإسلاميةِ خمسُ مئةٍ ونحوُ سِتٍّ وتسعين سنةً.
﴿وَسَيِّدًا﴾ هو مَنْ سادَ قومَهُ، ويحيى سادَ قومَهُ والناسَ في أَنَّه لم يرتكبْ سيئةً قَطُّ.
﴿وَحَصُورًا﴾ ممتنِعًا من الوَطْءِ معَ القدرةِ عليه، وليسَ كما قالَ بعضهم: إنه كان هَيُوبًا، أو لا ذَكَرَ له؛ لأن هذه نقيصةٌ وعيبٌ لا تليقُ بالأنبياء، وإنما معناه: إنه معصومٌ من الذنوب لا يأتيها؛ كأنه حُصِر عنها.
﴿وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ﴾.
﴿قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (٤٠)﴾.
[٤٠] فلما بُشِّرَ بهِ ﴿قَالَ﴾ زكريّا:
﴿رَبِّ أَنَّى﴾ أي: كيفَ.
﴿يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ﴾ أي: نالني، وأَثَّرَ فيَّ.
﴿الْكِبَرُ﴾ وكانَ ابنَ عشرينَ ومئةِ سنةٍ، وقيلَ غيرُ ذلك.
﴿وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ﴾ عقيمٌ لا تَلِدُ، وكانت بنتَ ثمانٍ وتسعينَ سنةً، وقولُ زكريا لم يكنْ شَكًّا في وعِد الله، إنما شَكَّ في كيفيته؛ أي: كيف ذلك؟ يجعلُني أنا وامرأتي شابَّيْنِ، أم يرزقُنا ولدًا على الكِبَرِ منَّا، أم يرزقُني من امرأةٍ أخرى؟ فقال مستفهِمًا لا شَكًّا.
﴿قَالَ كَذَلِكَ﴾ أي: مثل ذلك الفعل، وهو خلق الولد بين الفاني والعاقر.