بِنُورِكَ، فَتبَارَكْتَ اللَّهُمَّ أَنْتَ خَالِقُ الخَلْقِ بِقُدْرَتكَ، مُقَدِّرُ الأُمُورِ بِحِكْمَتِكَ، مُبْدِعُ الخَلْقِ بِعَظَمَتِكَ، القَاضِي في كُلِّ شَيْءٍ بِعِلْمِكَ، الَّذِي خَلَقْتَ سَبْعًا في الهَواءِ بِكَلِمَاتِكَ مُسْتَوِياتِ الطِّباقِ، مُذْعِنَاتٍ لِطَاعَتِكَ، سَمَا بِهِنَّ العُلُوُّ بِسُلْطَانِكَ، فَأَجَبْنَ وَهُنَّ دُخَانٌ مِنْ خَوْفِكَ، فَأَتَيْنَ طائِعينَ بأَمْرِكَ، فِيهِنَّ المَلاَئِكَةُ يُسَبِّحُونَكَ ويُقَدِّسُونَكَ، وجَعَلْتَ فِيهِنَّ نُورًا يَجْلُو الظَّلاَمَ، وضِيَاءً أَضْوَأَ مِنَ الشَّمْسِ، وَجَعَلْتَ فِيهِنَّ مَصابِيحَ نَهْتَدِي بِهَا في ظُلُمَاتِ البَرِّ والبَحْرِ ورُجُومًا للشَّياطِينِ، فَتبَارَكْتَ اللَّهُمَّ في مَفْطُورِ سَمَاواتِكَ، وفيما دَحَوْتَ مِنَ الأَرْضِ، ودَحَوْتَها عَلَى الماءِ، فَأَذْلَلْتَ لهَا الماءَ الطَّاهِرَ، فَذَلَّ لِطَاعَتِكَ، وأَذْعَنَ لِأمْرِكَ، وخَضَعَ لِقُوَّتِكَ أَمْوَاجُ البِحَارِ، فَفَجَّرْتَ فِيهَا بَعْدَ البِحارِ الأَنْهارَ وبعدَ الأَنْهارِ العُيُونَ الغِزَارَ واليَنِابيعَ، ثم أَخْرَجْتَ مِنْها الأشجارَ بالثِّمارِ، ثم جَعَلْتَ على ظَهْرِها الجبالَ أَوْتادًا، فَأَطاعَتْكَ أَطْوَادُهَا، فَتبَارَكَت اللَّهُمَّ صفاتُك، ومَنْ يَبْلُغُ صِفَةَ قُدْرتكَ، ومَنْ يَنْعَتُ نَعْتَكَ؟ تُنَزِّلُ الغَيْثَ، وتُنْشِئُ السَّحابَ، وتَفُكُّ الرِّقابَ، وتَقْضي الحَقَّ وأَنْتَ خَيْرُ الفاصِلِينَ، لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ، إِنَّما يَخْشَاكَ مِنْ عِبادِكَ العُلَماءُ، وأَشْهَدُ أَنَّكَ لَسْتَ بِإِلَهٍ اسْتَحْدَثناكَ، وَلا رَبَّ لَنا سِواكَ نَذْكُرُهُ، ولا كانَ لَكَ شُرَكاءُ يَقْضُونَ مَعَكَ نَدْعُوهُمْ وَنَدَعُكَ، ولا أَعَانَكَ أَحَدٌ عَلَى خَلْقِكَ فَنَشُكَّ فِيكَ، أَشْهَدُ أَنَّكَ أَحَدٌ صَمَدٌ، لَمْ يلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، وَلَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَلا وَلَدًا، اجْعَلْ لِي مِنْ أَمْرِي فَرَجًا وَمَخْرَجًا"، فلما تمَّ دعاؤه، رفعَهُ الله إليه (١).

(١) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٤٧/ ٤٧٣ - ٤٧٤)، عن وهب بن منبه.


الصفحة التالية
Icon