أنا الله أعلم، ومحل ذلك من الإعراب: أن (الم): ابتداء، و (ذلك) خبره، و (الكتاب) صلةُ خبرهِ؛ كقولك: زيدٌ ذلكَ الرجلُ لا تشكَّ (١) فيه. قرأ أبو جعفر بتقطيع الحروف، يسكت على (٢) كل حرف سكتة يسيرةً في جميع أحرف الهجاء من فواتح السور، ويلزم من سكته إظهارُ المدغَم منها، والمخفى وقطعُ همزة الوصل بعدها.
...
﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (٢)﴾.
[٢] ﴿ذَلِكَ﴾ أي: هذا.
﴿الْكِتَابُ﴾ هو القرآن؛ لأن الله سبحانه كان قد وعد نبيَّه - ﷺ - أن يُنزل عليه كتابًا لا يمحوه الماء، فلما أنزل القرآن، قال: هذا ذلك الكتاب الذي وعدتك بإنزاله، و (هذا) للتقريب، و (ذلك) للتبعيد، وأصل الكَتْبِ الضمُّ والجمع، فسمي الكتابُ كتابًا لأنه جمعُ حرف إلى حرف.
﴿لَا رَيْبَ﴾ أي: لا شك.
﴿فِيهِ﴾ أنه من عند الله تعالى، وأنه الحقُّ والصدق. قرأ حمزة: (لا ريب) بالمد بحيث لا يبلغ الإشباع، وكذلك ﴿لَا شِيَةَ فِيهَا﴾ [البقرة: ٧١] ﴿فَلَا مَرَدَّ لَهُ﴾ [الرعد: ١١] ﴿لَا جَرَمَ﴾ [هود: ٢٢] ﴿لَا خَيْرَ﴾ [النساء: ١١٤] ﴿لَا ضَيْرَ﴾ (٣) [الشعراء: ٥٠]، وابنُ كثير يصلُ هاء الكناية الساكن قبلها بياء في الوصل إن كانت مكسورة، وبواو إن كانت مضمومة نحو (فيهي هُدًى)
(٢) في "ت": "في".
(٣) انظر: "الإتقان" للسيوطي (١/ ١١٥)، النوع الثاني والثلاثون، المد والقصر.