الدنيا، وخزانةَ الجنة، وكان يعبدُ الله تارةً في الأرض، وتارةً في السماء، وتارةً في الجنة، فدخلَهُ العُجْب، وقال في نفسِه: ما أعطاني اللهُ هذا الملكَ إلا لأني أكرمُ الملائكةِ عليه، فقال الله له ولجنده:
﴿إِنِّي جَاعِلٌ﴾ أي: مُصَيِّرٌ.
﴿فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ أي: بدلًا منكم، وأرفعُكُم إليَّ، فكرهوا ذلكَ؛ لأنهم كانوا أهونَ الملائكة عبادةً، والمرادُ بالخليفة هاهنا: -آدم عليه السلام-؛ لأنه خليفةُ الله في الحُكْم بينَ عبادِه بالحقِّ، ومَنْ قامَ مقامَه بعدَه من ذريته، والخليفةُ: من استُخلِفَ مكانَ مَنْ كان قبلَه، مأخوذ من أنه خَلَفٌ لغيره، يقومُ مقامَهُ في الأمر الذي أُسند إليه فيه؛ كما قيل: أبو بكرٍ خليفةُ رسول الله - ﷺ -. قرأ الكسائي (خليفة) بإمالةِ الفاء حيثُ وقف على هاء التأنيث (١).
﴿قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا﴾ بالمعاصي، والمراد: ذريَّتُه.
﴿وَيَسْفِكُ﴾ أي: ويصبُّ.
﴿الدِّمَاءَ﴾ بغيرِ حقٍّ؛ أي: كما فعلَ بنو الجانِّ، فقاسوا بالشاهدِ على الغائبِ، وإلَّا فَهُم ما كانوا يعلمون الغيبَ.
﴿وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ﴾ نقول: سبحانَ اللهِ وبحمدهِ. والتسبيحُ: تبعيدُ اللهِ من السوء. قرأ أبو عمرٍو: (وَنَحْن نُّسَبِّحُ) بإدغامِ النون في النون.
﴿وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾ أي: نثني عليك بالقُدُّوس والطهارة عما لا يليقُ بجلالك. قرأ أبو عمرٍو: (وَنُقَدِّسُ لَك قَّالَ) بإدغام الكاف في القاف،

(١) انظر: "الغيث" للصفاقسي (ص: ١٠٩)، و"معجم القراءات القرآنية" (١/ ٤١).


الصفحة التالية
Icon