﴿الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾ لما خلقه الله -عز وجل- علمه أسماءَ الأشياء، وذلك أن الملائكة قالوا لما قال الله تعالى: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ ليخلقْ ربُّنا ما يشاءُ، فلن يخلقَ خَلْقًا أكرمَ عليه منَّا، وإن كانَ، فنحنُ أعلمُ منه؛ لأنا خُلقنا قبلَه، ورأينا ما لم يَرَهُ، فأظهرَ اللهُ فضلَه بالعلمِ، وفيه دليلٌ على أن الأنبياءَ أفضلُ من الملائكة، وإن كانوا رسلًا كما ذهبَ إليه أهل السنة.
﴿ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ﴾ أي: عرض المسمَّيات؛ لأن عرض الأسماء لا يصحُّ، والعرضُ: إظهارُكَ الشيءَ، وأن تمرَّ به عَرْضًا؛ لتعرفَ حالَه، وإنما قال: عَرَضَهم، ولم يقل: عَرَضَها؛ لأن المسمَّياتِ إذا جَمَحَتْ من يعقلُ ومن لايعقلُ، يكنى عنها بلفظ مَنْ يعقلُ؛ كما يكنى عن الذكورِ والإناثِ بلفظ الذكور.
﴿فَقَالَ أَنْبِئُونِي﴾ أخبروني، أمر تعجيز.
﴿بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ أنِّي لا أخلقُ خلقًا إلا كنتم أفضلَ وأعلمَ منه. قرأ الكوفيون، وابنُ عامرٍ، ورَوْح: ﴿هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ بتحقيق الهمزتين، وأبو عمرٍو بإسقاطِ الهمزةِ الأولى، وتحقيق الثانية، وقرأ قالون، والبزي: بتسهيل الأُولى بينَ بينَ، مع تحقيق الثانية، وأبو جعفرٍ ورويسٌ: بتحقيق الأولى وتسهيل الثانية، واختلف عن قنبل وورش، فروي عن الأول جعلُ الهمزةِ الثانيةِ بينَ بينَ، وروي عنه إسقاطُ الهمزة الأولى، وهو الذي عليه الجمهورُ من أصحابه، وروي عن الثاني إبدالُ الهمزةِ الثانيةِ ياءً مكسورةً، وروي عنه تسهيلُها بينَ بينَ (١).