الجهادِ والحثِّ عليه، فلما سمعَ ابنُ أمِّ مكتومٍ -وكانَ أَعمى- النبيَّ - ﷺ - يُمليها على زيدِ بنِ ثابتٍ قال: "يا رسولَ اللهِ! لو استطعتُ الجهادَ لجاهدْتُ" فنزل:
﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ (١) أي: المرض؛ من عمًى وغيرِه. قرأ نافعٌ وأبو جعفرٍ، وابنُ عامرٍ، والكسائيُّ، وخلفٌ (غَيْرَ) بنصبِ الراء؛ أي: إلا أولي الضرر، وقرأ الباقون: برفع الراء على نعتِ (القاعِدون) (٢)، يريدُ: لا يستوي القاعدونَ الذين هم غيرُ أولي الضرر.
﴿وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ﴾ أي: لا مساواةَ بينهم وبينَ من قعدَ عن الجهاد من غيرِ عذرٍ.
﴿فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ﴾ للعذرِ.
﴿دَرَجَةً﴾ فضيلةً؛ لأن المجاهدَ مباشِرٌ مع النية، والقاعدَ له نيةٌ، ولكن لم يباشرْ، فنزلوا عنهم بدرجةٍ.
﴿وَكُلًّا﴾ من الفريقين.
﴿وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى﴾ وهي الجنةُ.
﴿وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ﴾ مطلقًا.

(١) رواه البخاري (٢٦٧٧)، كتاب: الجهاد والسير، باب: قول الله تعالى: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ..﴾ عن سهل بن سعد، ومسلم (١٨٩٨)، كتاب: الإمارة، باب: سقوط فرض الجهاد عن المعذورين، عن البراء.
(٢) انظر: "التيسير" للداني (ص: ٩٧)، و"تفسير البغوي" (١/ ٥٨٢)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٢٥١)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: ١٩٣)، و"معجم القراءات القرآنية" (٢/ ١٥٥).


الصفحة التالية
Icon