وأُنكحك أختَه ليودا (١)، فقبلَ هابيلُ، وأبى (٢) قابيلُ، وكانت أختُ قابيلَ أحسنَ من أختِ هابيلَ، فقالَ له أبوه: إنها لا تحلُّ لكَ، فأبى أن يقبلَ ذلك، وقالَ: إن الله لم يأمرْهُ بهذا، وإنما هو من رأيِه، فقال لهما آدمُ عليه الصلاة والسلام: قَرِّبا قربانًا، فأيُّكما قُبِلَ قربانُه، فهوَ أحقُّ بإقليميا، وكانتِ القرابين إذا قُبلت، نزلَتْ نارٌ من السماءِ بيضاءُ فأكلَتْها، وإذا لم تكنْ مقبولةً، لم تنزلِ النارُ إِليها (٣) وتأكلُها الطيورُ والسباعُ، فخرجا ليقربا القربانَ، وكان قابيلُ صاحبَ زَرْعٍ، فقرَّبَ صُبْرَة من طعامٍ من أردأ زرعِه، وأضمرَ في نفسِه، وقالَ (٤): ما أُبالي أَتقبلُ مني أم لا، لا يتزوَّجُ أختي أبدًا، وكان هابيلُ صاحبَ غَنَمٍ، فعمَدَ إلى أحسنِ كبشٍ في غنمِه، فقرب به (٥)، وأضمرَ في نفسِه رِضا اللهِ -عز وجل-، فوضَعا قربانَهما على الجبل، ثم دعا آدمُ عليه السلام، فنزلت نارٌ من السماءِ فأكلَتْ قربانَ هابيل، ولم تأكلْ قربانَ قابيل، ورُفع قربانُ هابيل، فبقيَ في الجنةِ يرعى حتى فُدِي به إسماعيلُ بنُ إبراهيمَ -عليهما الصلاة والسلام-، فذلك قوله تعالى:
﴿فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا﴾ (٦) يعني: هابيلَ.
﴿وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ﴾ يعني: قابيل، فازداد حَنَقًا في هابيلَ وتهدَّدَهُ.
﴿قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ﴾ قال: لِمَ؟ قالَ: لأنَّ اللهَ قبلَ قربانَكَ ولم يَقبلْ قُرباني،

(١) في "ظ": "بيودا".
(٢) في "ظ": "ولم يقبل".
(٣) "إليها" زيادة من "ظ".
(٤) "وقال" زيادة من "ظ".
(٥) في "ظ": "فقربه".
(٦) انظر: "تفسير الطبري" (٦/ ١٨٨)، و"تفسير البغوي" (١/ ٦٦٢ - ٦٦٣).


الصفحة التالية
Icon