﴿قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ﴾ على حملِه، لا على قتلِه. قرأ الدوريُّ عن الكسائيِّ بخلافٍ عنه: (يُوَارِي) (فَأُوَارِي) بالإمالةِ، ووقفَ رويسٌ بخلافٍ عنهُ: (يَا وَيْلَتَاه) (يَا أَسَفَاه) (يَا حَسْرَتَاه) بزيادةِ هاءٍ (١).
قالَ ابنُ عباس رضي الله عنهما: لما قُتِلَ ولدُ آدمَ عليه السلام وهو بمكةَ، اشتاكَ الشجرُ، وتغيرتِ الأطعمةُ، وحَمِضَتِ الفواكهُ، واغبرَّتِ الأرضُ، فقالَ آدمُ: قد حدثَ في الأرضِ حدثٌ، فكانَ قتلُ ولدِه (٢).
وقال ابنُ عباسٍ رضي الله عنهما أيضًا (٣): مَنْ قالَ: إنَّ آدمَ قالَ شعرًا، فقد كذبَ؛ إنَّ محمدًا والأنبياءَ في النهي عن الشعر سَواءٌ، بل رثىَ ولدَه بالسريانية، فأخذها يعربُ بنُ قحطانَ، وكان يتكلَّمُ بالعربيةِ والسريانيةِ، وهو أولُ مَنْ خَطَّ بالعربية، وكانَ يقولُ الشعرَ، فرتَّبَها ووزنَها شعرًا، وهي:
تغيَّرَتِ الْبِلاَدُ وَمَنْ عَلَيْهَا | فَوَجْهُ الأَرْضِ مُغْبَرٌّ قَبِيحُ |
تغيَّرَ كُلُّ ذِي طَعْمٍ وَلَوْنِ | وَقَلَّ بَشَاشَةُ الْوَجْهِ الصبِيحِ |
وَمَا لِي لاَ أَزِيدُ بِسَكْبِ دَمْعٍ | وَهَابِيلٌ تَضَمَّنَهُ الضَّرِيحُ |
أَرَى طُولَ الْحَيَاةِ عَلَيَّ غَمًّا | فهَلْ أَنَا مِنْ حَيَاتِي مُسْتَرِيحُ |
(٢) انظر: "تفسير البغوي" (١/ ٦٦٥)، و"تفسير القرطبي" (٦/ ١٣٩).
(٣) "أيضًا" زيادة من "ظ".