﴿فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ أي: أيمانهما، وكذلك هو في مصحفِ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ، والمرادُ بأيديهما: يَدَيهما، وُضِعَ الجمعُ موضعَ الاثنين لئلا يجمعَ في كلمةٍ واحدةٍ بينَ تثنيتين نحو: ﴿فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ [التحريم: ٤]. والسرقةُ: أخذُ مالِ الغير في خُفيةٍ.
واتفقَ الأئمةُ على أن من سرقَ نِصابًا من المالِ من حرزٍ لا شُبهةَ له فيه، تُقْطَعُ يدُه اليمنى من الكوعِ، وتُحْسَمُ، ولا يجبُ القطعُ بسرقةِ ما دونَ النصابِ بالاتفاق.
واختلفوا في قَدْرِ النِّصابِ.
فقال أبو حنيفة: هو دينارٌ، أو عشرةُ دراهمَ مضروبةٍ من النُّقْرَةِ، أو ما قيمتُه عشرةُ دراهمَ.
وقالَ مالكٌ وأحمدُ: ربعُ دينارٌ من الذهبِ، أو ثلاثةُ دراهمَ من الوَرِقِ، أو عرضٌ يساوي أحدَهما.
وقال الشافعيُّ: ربعُ دينارٍ خالصًا، أو قيمتُه من دراهمَ وغيرِها.
ثم إذا سرقَ ثانيًا، تُقطعُ رجلُه اليسرى من مفصِلِ القدمِ بالاتفاق، فإن سرقَ ثالثًا ورابعًا، فقالَ أبو حنيفةَ وأحمدُ: يُحبسُ حتى يتوبَ، ولا يقطع أكثرُ من يدٍ ورجل، وقال مالكٌ والشافعيُّ: يُقطعُ في الثالثة يدُه اليسرى، وفي الرابعةِ رجلُه اليمنى، ثم إذا سرقَ بعدَه، يُعَزَّرُ ويُحبسُ حتى تظهرَ توبتُه.
واختلفوا في ثبوتِ حدِّ السرقةِ بالإقرار، فقالَ الثلاثةُ: يثبتُ بإقرارِ السارقِ مَرَّةً، وقالَ أحمدُ: لا يثبتُ إلا بإقرارٍ (١) مَرَّتينِ، وهو قولُ

(١) في "ن": "بإقراره".


الصفحة التالية
Icon