ظننتم، وهذه الآيةُ وما بعدها تقريعٌ وعَتْبٌ لطوائفِ المؤمنينَ الذين وقعتْ منهم الهَنَواتُ (١) في يومِ أحدٍ.
﴿وَلَمَّا يَعْلَمِ﴾ أي: ولم يعلم.
﴿اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ﴾ والقراءةُ بكسر الميم في قولي: ﴿وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ﴾ لالتقاء الساكنين.
﴿وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾ في الشدائدِ، ونصبُ (يَعْلَمَ) بإضمارِ أَنْ، و (الواو) بمعنى الجمع؛ كقولكَ: لا تأكلِ السمكَ وتشربَ اللَّبنَ.
﴿وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (١٤٣)﴾.
[١٤٣] ثم خاطب الله المؤمنين بقوله: ﴿وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ﴾ أي: الشهادة؛ لما علمتُم من فضلِ الشهداءِ ببدر. قرأ البزيُّ بخلافٍ عنه: (كُنْتم تَّمَنَّوْنَ) بتشديد التاءِ بعد الميم حالةَ الوصلِ (٢).
﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ﴾ وذلكَ أن قومًا من المسلمين تمنوا يومًا كيومِ بدرٍ ليقاتِلوا ويُسْتشهدوا، فأراهُم اللهُ يومَ أحدٍ.
﴿فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ﴾ أي: رأيتُمْ سبَبَهُ.
﴿وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾ عِيانًا أسبابَهُ.

(١) في "ن": و"الهفوات".
(٢) انظر: "الغيث" للصفاقسي (ص: ١٨٢)، و"التيسير" للداني (ص: ٨٤)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: ١٦٤)، و"معجم القراءات القرآنية" (٢/ ٦٨).


الصفحة التالية
Icon