﴿مِنْ رَبِّكَ﴾ ولا تخفْ إلا اللهَ، ومن خصائصِهِ - ﷺ - وبِرِّ اللهِ تعالى به أَنَّ اللهَ تعالى خاطبَ جميعَ الأنبياءِ بأسمِائهم، فقال: (يا آدمُ) (يا نوحُ) (يا إبراهيمُ) (يا داودُ) (يا عيسى) (يا زكريا) (يا يحيى)، ولم يخاطَبْ هو إلا (يا أيُّها الرسولُ) (يا أيها النَّبيُّ) (يا أيُّها المزمِّلُ) (يا أيها المدثِّرُ).
﴿وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ﴾ أي: إن لم تبلغْ مجموعَهُ.
﴿فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾ فما أَدَّيتَ شيئًا منها؛ لأن كتمانَ بعضِها يضيِّعُ ما أُدِّي منها؛ كتركِ بعض أركانِ الصلاة. قرأ نافعٌ، وأبو جعفرٍ، وابنُ عامرٍ، وأبو بكرٍ، ويعقوبُ: (رِسَالاَتِهِ) على الجمع، والباقون: على التوحيد (١)، ثم قالَ مشجِّعًا له:
﴿وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ﴾ أي: يحفظُكَ.
﴿مِنَ النَّاسِ﴾ فلا يَصِلونَ إليك بقتلٍ ولا غيرِه، ونزلت بعدَما شُجَّ وجهُه، وكُسرت رَباعِيَتُهُ، والمرادُ بالناسِ: الكفارُ؛ لقولِه بعدُ (٢):
﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾.
عن عائشةَ رضي الله عنها: كانَ النبيُّ - ﷺ - يُحْرَسُ حتى نزلتْ هذهِ الآيةُ، فأخرجَ رسولُ اللهِ - ﷺ - رأسَهُ من القُبّةِ وقالَ لهم: "يَا أَيُهَا النَّاسُ! انْصَرِفُوا؛ فَقَدْ عَصَمَنِي اللهُ" (٣).

(١) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٢٤٦)، و"التيسير" للداني (ص: ١٠٠)، و"تفسير البغوي" (١/ ٦٩٦)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٢٥٥)، و "معجم القراءات القرآنية" (٢/ ٢٨٨).
(٢) في "ت": "بعده".
(٣) رواه الترمذي (٣٠٤٦)، كتاب: التفسير، باب: ومن سورة المائدة، وقال: =


الصفحة التالية
Icon