متاعِه؟! قالا: لم يكنْ عندَنا بينةٌ، وكرهنا أن نقرَّ لكم به، فكتمْنا ذلك، فرفعوهما إلى رسولِ الله - ﷺ -، فأنزل الله عز وجل:
﴿فَإِنْ عُثِرَ﴾ (١) اطُلِعَ، وأصلُ العَثْرَةِ: الوقوعُ على الشيءِ.
﴿عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا﴾ أي: فَعَلا ما أوجبَ إِثمًا بخيانتِهما وبأيمانِهما الكاذِبة.
﴿فَآخَرَانِ﴾ من أولياءِ الميتِ.
﴿يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا﴾ أي: مقامَ اللَّذَيْنِ خانا.
﴿مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ﴾ أي: استحقَّ فيهم ولأجلهم الإثمُ، وهم ورثةُ الميتِ، استحق الحالفانِ بسببهما الإثمَ، و (على) بمعنى (في). قرأ حفصٌ: (اسْتَحَقَّ) بفتح التاء والحاء، وقراءة العامة: بضمِّ التاءِ على المجهولِ و (الأَوْلَيَانِ) تثنيةُ الأَوْلى، والأَوْلى هو الأقربُ؛ أي: الأحقُّ بالشهادةِ؛ لقرابتِه ومعرفتِه، وقرأ حمزةُ، وخلفٌ، وأبو بكرٍ عن عاصمٍ، ويعقوبُ (الأَوَّلِينَ) بالجمعِ، فيكونُ بدلًا من (الذين) (٢)، والمرادُ منهم: أولياءُ الميتِ، ومعنى الآيةِ على القراءاتِ كلِّها: إذا ظهرتْ خيانةُ الحالِفَيْنِ يقومُ اثنانِ آخرانِ من أقاربِ الميتِ.
﴿فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا﴾ أي: يمينُنا أحقُّ من

(١) انظر: "تفسير البغوي" (١/ ٧٢٨)، و"الدر المنثور" للسيوطي (٣/ ٢٢١ - ٢٢٢).
(٢) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٢٤٨)، و"التيسير" للداني (ص: ١٠٠)، و"تفسير البغوي" (١/ ٧٢٨)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٢٥٦)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: ٢٠٣)، و"معجم القراءات القرآنية" (٢/ ٢٤٣ - ٢٤٤).


الصفحة التالية
Icon