وأنزل عليك كتابًا، وإن الله قد عهدَ إلينا في التوراة ألَّا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكلُه النار، فإن جِئْتَنا به، صَدَّقناك، فأنزل الله الآية (١).
قال السُّدِّيُّ: قيل لبني إسرائيل: من جاءكم يزعمُ أنه نبيٌّ، فلا تصدقوه حتى يأتيكم بقربان تأكُله النار، إلا محمدًا وعيسى، فإذا أتيا، فآمنوا بهما؛ فإنهما لا يأتيان بقربان، قال الله تعالى إقامةً للحجة عليهم:
﴿قُلْ﴾ يا محمد: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ﴾ يا معشرَ اليهود.
﴿رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي﴾ كيحيى وزكريا.
﴿بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ﴾ فقتلتموهم.
﴿فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ﴾ أي: قتلهم أسلافُكم.
﴿إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾؟ معناه: تكذيبُهم مع علمِهم بصدقك؛ كقتل آبائهم الأنبياءَ مع إتيانهم بالقربان (٢).
﴿فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (١٨٤)﴾.
[١٨٤] ثم قال تعالى لنبيه - ﷺ -: ﴿فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ﴾ أي: الصحف، جمعُ زبور؛ كرسول.

(١) انظر: "تفسير ابن أبي حاتم" (٢/ ٨٣١)، و"أسباب النزول" للواحدي (ص: ٧٤).
(٢) في "ن": "القربان". وانظر: "تفسير البغوي" (١/ ٤٥٨)، و"العجاب" لابن حجر (٢/ ٨٠٩).


الصفحة التالية
Icon