بينَهم وبينَ رسولِ اللهِ - ﷺ -، فأمرَ اللهُ بنقضِ عهودِهم، وكانَ رسولُ اللهِ - ﷺ - هو الّذي عاهدَهم عامًا على ألَّا يُصَدَّ أحدٌ عن البيت الحرام، ونحو هذا من الموادَعات، وأصحابُه كلُّهم راضونَ بذلكَ، فكأنّهم عاهدوا، فَنُسِبَ العهدُ إليهم، وكذلك ما عقدَهُ أئمةُ الكفرِ على قومِهم منسوبٌ إِليهم يُؤاخذونَ به؛ إذ لا يمكنُ غيرُ ذلك؛ لأن تحصيلَ الرضا من الجميعِ متعذرٌ، فإذا عقدَ الإمامُ لما يرى من المصلحةِ أمرًا، لزمَ جميعَ الرعايا.
* * *
﴿فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ (٢)﴾.
[٢] ﴿فَسِيحُوا﴾ رجع من الخبر إلى الخطاب؛ أي: قل لهم: سِيحُوا ﴿فِي الْأَرْضِ﴾ أى: سيروا فيها آمنينَ.
﴿أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ﴾ تأجيلٌ من اللهِ للمشركين، فمن كانتْ مدةُ عهدِهِ أقلَّ من أربعةِ أشهرٍ، رُفِعَ إليها، ومن كانت مدَّتُه أكثرَ منها، حُطَّ إليها، ومن كانت مدةُ عهدِه بغيرِ أجلٍ محدودٍ، حَدَّهُ بأربعةِ أشهرٍ، ثمّ هو حربٌ بعدَ ذلكَ للهِ ورسوله يُقتل حيث أُدْرِكَ، ويؤسرُ، إِلَّا أن يتوب، وابتداءُ هذا الأجل يومَ الحجِّ الأكبرِ، وانقضاؤه إلى عشرٍ من ربيعٍ الآخرِ، فأمّا من لم يكنْ له عهدٌ، فإنما أجلُه انسلاخُ المحرَّمِ، وذلك خمسون يومًا، وقيل: الأشهرُ الأربعةُ: شوالٌ وذو القعدةِ، وذو الحجَّةِ، والمحرَّمُ، والأول أصوبُ، وعليه الأكثرُ.
﴿وَاعْلَمُوا﴾ أيّها الناكثون ﴿أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي﴾ أي: فائتي ﴿اللَّهَ﴾ بعدَ الأربعةِ أشهرٍ.


الصفحة التالية
Icon