﴿وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي﴾ مُذِلُّ ﴿الْكَافِرِينَ﴾ بالقتلِ في الدنيا، والعذابِ في الآخرةِ.
* * *
﴿وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٣)﴾.
[٣] ونزلت براءةُ سنةَ ثمانٍ من الهجرةِ، وفيها فُتحت مكةُ، فلما كان سنةُ تسعٍ تجهَّزَ النبيُّ - ﷺ -، فقيل له: إنَّ المشركينَ يطوفون بالبيتِ عُراةً فقالَ: "لَا أُرِيدُ أَنْ أَرَى ذَلِكَ"، فبعثَ أبا بكرٍ أميرًا على الموسمِ ليقيمَ للناسِ الحجَّ، وبعثَ معه بأربعينَ آيةً من صدرِ براءةَ ليقرأها على أهل الموسم، ثمّ بعثَ بعده عليًّا على ناقتِهِ العضْباءِ ليقرأ على النَّاس صدر براءة، وأمره أن يؤذن بمكةَ ومِنًى وعرفةَ: أن قد بَرِئَتْ ذمةُ اللهِ وذمةُ رسوله من كلِّ مشركٍ، ولا يطوفُ بالبيتِ عُريان، فرجعَ أبو بكر وقال: يا رسولَ الله! أنزلَ في شأني شيءٌ؛ قالَ: "لَا، وَلَكِنْ لا يَنْبَغِي أَنْ يُبَلِّغَ هَذَا إِلَّا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِي، أَمَا تَرْضَى أَنَّكَ كُنْتَ مَعِي فِي الْغَارِ، وأَنَّكَ صاحِبِي عَلَى الْحَوْضِ؟ "، قال: بلى. فسار أبو بكرٍ أميرًا على الحاجِّ، وعليٌّ ليؤذِّنَ ببراءةَ، وكانَ من عادةِ العربِ في عقدِ العُهودِ ونقضِها ألَّا يتولَّى ذلكَ إِلَّا سيدُهم، أو رجلٌ من قومِه، أقربُهم إليه نَسَبًا، فلما كانَ قبلَ الترويةِ بيوم، خطبَ أبو بكرٍ الناسَ، وحدثهم عن مناسِكِهم، وأقام للناسِ الحجَّ، والعربُ في تلكَ السنةِ على منازِلهم الّتي كانوا عليها في الجاهليةِ من الحجِّ، حتّى إذا كانَ يومُ النَّحر، قام عليٌّ عندَ جمرةِ العقبةِ، وأَذَّنَ في النَّاس بما أُمر به من الآيات، وألَّا


الصفحة التالية
Icon