﴿إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ وهم قبائلُ بني بكرٍ، وبنو خُزيمةَ، وبنو مدلجٍ، وبنو ضَمْرَةَ، وبنو الدَّيلِ، وهم الذين كانوا قد دخلوا في عهدِ قريشٍ يومَ الحديبيةِ، ولم يكن نقضَ إِلَّا قريشٌ وبنو الديل من بني بكر، فأمرَ بإتمامِ العهدِ لمن لم ينقضْ، وهم بنو ضمرةَ.
﴿فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ﴾ أي: فما قاموا على الوفاء بعهدكم.
﴿فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ﴾ أي: فأقيموا لهم على مثلِ ذلك.
﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ﴾ تقدَّمَ تفسيرُه.
* * *
﴿كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ (٨)﴾.
[٨] ﴿كَيْفَ﴾ أعادَ الإنكارَ والاستبعاد؛ أي: كيف يكونُ لهم عهدٌ.
﴿وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ﴾ يظفروا بكم.
﴿لَا يَرْقُبُوا﴾ يحفضوا ﴿فِيكُمْ إِلًّا﴾ قرابةً ﴿وَلَا ذِمَّةً﴾ عهدًا، والذمَّةُ في اللُّغة: عبارةٌ عن العهدِ، وفي الشرعِ: عبارةٌ عن وصفٍ يصيرُ فيه أهلًا للإيجاب والاستحباب.
﴿يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ﴾ يُظْهِرون الجميلَ، ويُضْمرون القبيحَ، ﴿وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ﴾ الإيمانَ ﴿وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ﴾ ناقضو العهد؛ لأنَّ منهم من وفى.
* * *