لهم الجمعُ بين أمرينِ متنافيين: عمارةِ متعبداتِ الله مع الكفرِ.
﴿شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ﴾ بإظهارِ الشركِ، وتكذيبِ الرسولِ، وعبادةِ الأصنام، وقولِ النصراني: أنا نصرانيٌّ، وقولِ اليهوديِّ: أنا يهوديٌّ، ونصبُ (شاهدين) على الحالِ.
﴿أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ﴾ لأنّها لغيرِ الله.
﴿وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ﴾ لكفرِهم.
* * *
﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (١٨)﴾.
[١٨] ثمّ قال: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ﴾ اتفقَ جميعُ القراء على الجمعِ في هذا الحرف؛ لأنّ المرادَ به: جميعُ المساجد.
﴿مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ﴾ لم يتركْ أمرَ اللهِ خشيةً من غيره، وعمارةُ المسجد: بناؤه، ورمُّ متشعثه، وكنسُه، والصلاةُ والذكرُ ودرسُ العلمِ الشرعيِّ فيه، وصيانتُه ممّا لم يُبْنَ له؛ كحديثِ الدنيا ونحوِه (١)، وفي الحديثِ: "يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ الْمَسَاجِدَ فَيَقْعُدُونَ فِيهَا حِلَقًا، ذِكْرُهُمُ الدُّنْيَا وَحُبُّ الدُّنْيَا، فَلَا تُجَالِسُوهُمْ، فَلَيْسَ للهِ فِيهِمْ حَاجَةٌ" (٢)، ويحرمُ البصاقُ في

(١) في "ت": "وغيره".
(٢) رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (١٠٤٥٢)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (٤/ ١٠٩)، والخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (٢/ ٩٨)، =


الصفحة التالية
Icon