﴿فَيُحِلُّوا﴾ بتحليلهم القتالَ في الأشهرِ الحرم ﴿مَا حَرَّمَ اللَّهُ﴾ فيها.
﴿زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ﴾ قالَ ابنُ عباسٍ: يُريد: زَيَّنَ لهم الشيطانُ (١). واختلافُ القراء في الهمزتين من (سُوءُ أَعْمَالِهِمْ) كاختلافِهم فيهما من (السُّفَهَاءُ أَلاَ) في سورة البقرة.
﴿وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾ لا يرشدُهم.
* * *
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (٣٨)﴾.
[٣٨] ولما رجعَ رسولُ اللهِ - ﷺ - من الطائفِ، أمرَ بالجهادِ لغزوِ الرومِ،
وهي غزوةُ تبوكَ، وذلك في زمنِ عُسْرَةٍ من الناسِ، والشدَّةِ، من الحرّ حينَ طابتِ الثمارُ والظلالُ، ولم يكنْ رسولُ الله - ﷺ - يريدُ غزوةً إلا وَرَّى بغيرِها حتى كانت تلكَ الغزوةُ، غزاها في حَرٍّ شديدٍ، واستقبلَ سفرًا بعيدًا، جَلَّى للمسلمين أمرَهم ليتأهَّبوا أُهْبَةَ غزوِهم، فشقَّ عليهم الخروجُ، وتثاقلوا، فأنزل الله تعالى:
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ﴾ (٢) أي: قالَ لكم رسولُ الله - ﷺ -: ﴿انْفِرُوا﴾ اخرُجوا ﴿فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ﴾ تباطَأْتُم ومِلْتُم عن الجهادِ ﴿إِلَى الْأَرْضِ﴾ أي: لزمْتُمْ مساكِنَكم.

(١) انظر: "تفسير ابن أبي حاتم" (٦/ ١٧٩٦)، و"تفسير البغوي" (٢/ ٢٨١).
(٢) انظر: "صحيح البخاري" (٢٧٨٨)، و"أسباب النزول" للواحدي (ص: ١٣٨).


الصفحة التالية
Icon