﴿قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا﴾ إِنَّما نُسبَتْ إليهما، والدعاءُ كانَ منْ موسى؛ لأنه رُوِيَ أنَّ موسى كانَ يدعو، وهارونُ يؤمِّنُ، والتأمينُ دعاءٌ وفي بعضِ القصصِ: كانَ بينَ دعاءِ موسى وإجابتهِ أربعونَ سنةً.
﴿فَاسْتَقِيمَا﴾ على الرسالةِ، وامضيا لأمري.
﴿وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ أَمْرَ الله تعالى. قرأ العامةُ: (تَتَّبِعانِّ) بتشديدِ التاءِ الثانيةِ وفتحِها وكسرِ الباءِ وتشديدِ النونِ في موضعِ جزمٍ على النهيِ، والنونُ للتوكيد، وحركت لالتقاءِ الساكنينِ، واختيرَ لها الكسرُ؛ لأنها أشبهتْ نونَ الرجلانِ، ويقال في الواحدِ: لا تتَّبِعَنَّ بفتحِ النون، وقرأ ابنُ ذكوانَ عن ابنِ عامرٍ بتشديدِ التاءِ مع تخفيفِ النونِ، فتكون (لا) نافيةً، فيصيرُ اللفظُ لفظَ الخبر، ومعناهُ النهيُ؛ كقوله: (لاَ تُضَارُّ وَالِدَةٌ) على قراءةِ مَنْ رفعَ، ورُوي عن ابنِ ذكوانَ أيضًا وجهٌ آخرُ بتخفيفِ التاءِ الثانية ساكنةً، وفتحِ الباءِ مع تشديدِ النونِ من تَبِعَ (١)، المعنى: لا تسلكْ طريقَ مَنْ لا يعلمُ حقيقةَ وعدي ووعيدي.
...
﴿وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٩٠)﴾.
[٩٠] ﴿وَجَاوَزْنَا﴾ عَبَرْنا ﴿بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ﴾ حتى الشطِّ حافِظينَ