الأرضُ المقدسةُ التي كتبَ اللهُ ميراثَها لإبراهيمَ وذريتِهِ.
﴿وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ﴾ الحلالاتِ ﴿فَمَا اخْتَلَفُوا﴾ يعني: اليهودَ الذين كانوا في عهدِ النبيِّ - ﷺ - ﴿حَتَّى جَاءَهُمُ الْعِلْمُ﴾ يعني: القرآنَ، فبعضٌ قال: هو هو، وبعض: ليسَ هو، وغيَّروا صفته معَ معرفتِهم صدقَهُ وصفتَهُ.
﴿إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ في الدنيا، فيثيبُ التائبَ، ويعاقبُ العاصِيَ.
...
﴿فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (٩٤)﴾.
[٩٤] ثم قال خِطابًا للنَّبي - ﷺ -، والمرادُ غيرُه: ﴿فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ﴾ يعني: القرآنَ ﴿فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ﴾ فيخبرونك أنك مكتوبٌ عندَهم في التوراة، وقيلَ غيرُ ذلكَ، والشكُّ في اللغةِ: أصلُه الضيقُ، فقال - ﷺ - في الجوابِ: "لاَ أَشُكُّ وَلاَ أَسْأَلُ أَحَداَّ، أَشْهَدُ أَنَّهُ الْحَقُّ" (١).
قرأ ابنُ كثيرٍ، والكسائيُّ، وخلفٌ: (فَسَلِ) بنقل حركةِ الهمزة إلى الساكن قبلَها، وهو السين، والباقون: بغير نقل (٢)، ثم استأنفَ الكلامَ فقال:
﴿لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ﴾ الذي لا شَكَّ فيه، وهو القرآنُ.
﴿مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ﴾ الشاكِّين.
(٢) انظر: "الغيث" للصفاقسي (ص: ٢٤٧)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (١/ ٤١٤)، و"معجم القراءات القرآنية" (٣/ ٩٢).