﴿وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ﴾ وهو أعظمُ جبلٍ بمدْيَنَ يقالُ له: زبير؛ أي: لكنْ سأتجلَّى على الجبلِ الّذي هو أقوى منكَ وأشدُّ.
﴿فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ﴾ لم يتزلزلْ.
﴿فَسَوْفَ تَرَانِي﴾ أي: سوف تثبتُ رؤيتي وتُطيقُها، وقد علمَ تعالى أن الجبلَ لا يثبتُ عندَ التجلِّي، فلذلكَ علَّقَ الرؤيةَ على ثبُوته.
﴿فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ﴾ أي: ظهرَ نورُ ربِّه.
﴿لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا﴾ أي: مستويًا بالأرضِ. قرأ حمزةُ، والكسائيُّ، وخلفٌ: (دَكَّاءَ) بالمدِّ والهمزِ مفتوحًا؛ أي: كأرضٍ دَكَّاءَ، وقرأ الباقون: بالتنوينِ من غيرِ مَدٍّ ولا همزٍ، مصدرُ دَكَّه (١)، ومعناه التفسيرُ الأولُ.
﴿وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا﴾ مَغْشِيًّا عليه لهولِ ما رأى، رُوي أنّه خرَّ صَعِقًا يومَ الخميسِ يومَ عرفةَ، وأُعْطِيَ التوراةَ يومَ الجمعة يومَ النَّحر.
﴿فَلَمَّا أَفَاقَ﴾ من غشوتِهِ ﴿قَالَ سُبْحَانَكَ﴾ تنزيهًا لكَ عن الإدراكِ.
﴿تُبْتُ إِلَيْكَ﴾ عن سؤالِ الرؤيةِ ﴿وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ من بني إسرائيل، وقيل: أولُ المؤمنينَ بأنك لا تُرى في الدنيا. قرأ نافعٌ، وأبو جعفرٍ: (وَأَنا أَوَّلُ) بالمدِّ، والباقون: بغير مد (٢).
* * *
(٢) انظر: "التيسير" للداني (ص: ٨٢)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: ٢٣٠)، و"معجم القراءات القرآنية" (٢/ ٤٠٠).