السورة كاختلافِهم فيها من قوله: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ﴾ [النساء: ٥] في سورةِ النساءِ.
﴿وَفَارَ التَّنُّورُ﴾ أَي: جاشَ بالماء، وهو تنورُ الخبزِ في قولِ الأكثرِ، وكان هو الآيةَ بينَ نوحٍ وبينَ ربِّهِ، واختلِفَ في موضعِ التنور، فقيلَ: بالكوفة، وقيل: بالشام بموضعٍ يُقال له عَيْنٌ وردة، وقيلَ غيرُ ذلك.
﴿قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا﴾ أي: في السفينة.
﴿مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ﴾ صِنْفَين من الحيوان.
﴿اثْنَيْنِ﴾ ذكرًا وأنثى، وقيل لهما: زوجان؛ لأن كلَّ واحدٍ منهما يُقال له: زوجٌ؛ لأنه لابدَّ لأحدِهما من الآخر. قرأ حفصٌ عن عاصمٍ: (مِنْ كُلِّ) بالتنوين؛ أي: من كلِّ صنفٍ زوجينِ، اثنينِ ذكرَه تأكيدًا، والباقون: بغيرِ تنوينٍ على الإضافةِ على معنى: احمل اثنينِ من كلِّ زوجينِ، والقراءتانِ ترجعان إلى معنىً واحدٍ (١).
وعندَ فورانِ التنورِ حُشِرَ الحيوانُ لنوحٍ عليه السلام، فجعل يضربُ بيديه فيقعُ الذكرُ في اليمنى، والأنثى في اليسرى، فيلقيهما في السفينة، ورُوي أن أول ما أَدخلَ السفينةَ الدُّرَّةُ، وآخرَ ما أدخلَ الحمارُ، فتمسَّكَ الشيطانُ بذنبِهِ، فزجرَهُ نوحٌ فلم ينزجرْ، فقالَ له: ادخلْ ولو كانَ معكَ الشيطانُ، قال ابنُ عباسٍ: "زَلَّتْ هذهِ الكلمةُ على لسانِه، فدخلَ الشيطانُ حينئذٍ"، وكان عندَ مؤخرِ السفينة، فلما كثرتْ أرواثُ الدوابِّ، تأذَّى نوحٌ من رائحتها، فأوحي إليه أنِ امسحْ على ذَنَبِ الفيلِ، ففعلَ، فخرجَ منه