خنزيرٌ وخنزيرةٌ، فَكَفيا نوحًا وأهلَه ذلكَ الأذى، فلما وقعَ الفأرُ يخربُ السفينةَ ويقرِضُ حبالَها، أوحي إليه أنِ اضربْ بينَ عيني الأسدِ، ففعلَ، فعطسَ، فخرجَ منه هِرٌّ وهرةٌ، فَكَفياهم الفأرَ، ورويَ أن الحيةَ والعقربَ أتيا نوحًا، فقالتا: احملْنا، فقالَ: إنكما سببُ الضررِ والبلاءِ فلا أحملُكُما، قالتا: احملْنا ونحن نضمنُ لك أَلَّا نضرَّ أحدًا ذكرك (١)، فمن قرأَ حينَ خاف مضرتهما: ﴿سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ (٧٩)﴾ [الصافات: ٧٩] ما ضَرَّتَاهُ.
﴿وَأَهْلَكَ﴾ أي: واحملْ أهلَكَ من النسبِ ﴿إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ﴾ بالهلاكِ، وهو كنعانُ، وامرأتُك واعلةُ مستثنىً من الأهلِ.
﴿وَمَنْ آمَنَ﴾ أي: واحملْ مَنْ آمنَ بكَ، قال الله تعالى:
﴿وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ﴾ وهم بنوه الثلاثةُ سامٌ وحامٌ ويافثُ، وثلاثُ نسوةٍ لهم، وامرأةُ نوحٍ غيرُ الهالكةِ، وتقدَّم في سورةِ الأعراف أنَّ من آمن به كانوا أربعين رجلًا، وأربعين امرأة، وهم الذين نجوا معه في السفينة، وفي ذلك خلاف، والله أعلم.
...
﴿وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (٤١)﴾.
[٤١] فلما دهمَهم الماءُ، ندبَهم إلى الركوبِ ﴿وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا﴾ فركبوا في السفينة يومَ الجمعةِ لعشرٍ مضينَ من رجبٍ من عينِ وردةَ، فأتتِ

(١) انظر: "تفسير ابن أبي حاتم" (٦/ ١٩٧٠)، و"تفسير البغوي" (٢/ ٤٠٢)، و"الدر المنثور" للسيوطي (٤/ ٤٢٨).


الصفحة التالية
Icon