أبي حنيفةَ، وعندَ الشافعيِّ إن وُجِدَ بمفازةٍ، جازَ التقاطُه للحفظِ، ويحرمُ للتملُّكِ، وإن وُجِدَ بقريةٍ، جازَ التقاطُه للتملُّكِ، وقالَ مالكٍ: لا يلتقِطُ الإبلَ في الصحراءِ، وعنهُ في غيرِ الإبلِ خلافٌ، وقال أحمدُ: لا يجوزُ التقاطُها، ولا يبرأُ مَنْ أخذَها إلا بدفعِها إلى الإمام، وما عدا ذلكَ من سائرِ الأموالِ، فقال أبو حنيفةَ: يُعَرِّفُها مدةً يغلبُ على ظَنِّه أن صاحبَها لا يطلُبُها بعدَ ذلكَ الزمانِ الذي عَرَّفَ فيه، قال: وتعريفُ ما دونَ عشرةِ دراهمٍ أيامًا بلا تقدير، وما فوقَها حولًا، ثم يتصدَّقُ بها إن شاءَ، فإن جاءَ صاحبُها، فأمضى الصدقةَ، وإلا ضمنَها الملتقِطُ أو المسكينُ إن شاءَ، وإن كانتْ قائمةً، أخذَها منه، ولا تُدفعُ إليه إلا ببينةٍ، ويحلُّ للملتقِط دفعُها بذكرِ علامةٍ، ولا يُجبر على ذلك، وقال مالكٍ: يُعَرِّفها سنةً، فإذا جاءَ طالبُها، فعرَفَها بعلامتها، دفعَها إليه بلا بَيِّنةٍ، وإن لم يأتِ لها طالبٌ، فإن شاءَ تركَها في يده أمانةً، وإن شاءَ تصدَّقَ بها بشرطِ الضمانِ، وإن شاءَ تملَّكها على كراهةٍ، وقال الشافعيُّ: يعرِّفها سنةً، والحقير زمنًا يظنُّ أن فاقدَه يُعرِضُ عنه غالبًا، وإذا عَرَّفَ سنةً، لم يملكها حتى يختارَهُ بلفظ؛ كتملكتُ، فإذا ظهرَ المالكُ، أخذَها، وإن تلفتْ، غرمَ مثلَها أو قيمتَها يومَ التملُّكِ، وإن وصفَها، وظنَّ صدقَه، جازَ الدفعُ، ولا يجب، وقالَ أحمدُ: يعرِّفُها سنةً، ثم تدخلُ في ملكِه بعدَ الحولِ حكمًا كالميراث، فمتى جاءَ طالبُها، فوصفَها، لزَم دفعُها إليه أو مثلُها إن هلكتْ بِلا بينةٍ.
ولا فرقَ بينَ لُقَطَةِ الحرمِ وغيرِه عندَ الثلاثِة، وعند الشافعيِّ لا تحلُّ لقطةُ الحرمِ للتملُّكِ، ويجبُ تعريفُها قطعًا، والله أعلم.
***