-وكانَ صنمًا من زَبَرْجدٍ أخضرَ باسمِ عُطارد- إنْ لم يفعلْ لتعجلنَّ له ذلكَ، ثم أمرتْ بنزعِ ثيابهِ، وألبسَتْه الصوفَ.
﴿قَالَ رَبِّ﴾ أي: يا ربِّ ﴿السِّجْنُ﴾ أي: المحبسُ. قراءة العامةِ بكسرِ السين، وقرأ يعقوبُ: بالفتح على المصدر (١).
﴿أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ﴾ أحبَّ سُكنى السجنِ على قضاءِ حاجتهنَّ، وقيل: لو لم يقلْ: السجنُ أحبُّ إليَّ، لم يُبْتَلَ بالسجن، والأَوْلى بالمرءِ أن يسألَ الله العافيةَ.
﴿وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ﴾ أي: وإن لم تُنَجِّني أنت، ومعناه: الاستسلامُ لله تعالى والتوكُّلُ عليه ﴿أَصْبُ﴾ أَمِلْ ﴿إِلَيْهِنَّ﴾ مأخوذٌ من الصَّبوةِ، وهي أفعالُ الصِّبا.
﴿وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ الذين لا يُراعونَ أوامرَ اللهِ ونواهيَهُ، وهو قولٌ يتضمَّنُ التشكيَ إلى اللهِ من حالِه معهنَّ، والدعاءَ إليهِ في كشفِ بلواه.
...
﴿فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٤)﴾ [يوسف: ٣٤].
[٣٤] فلذلك قالَ بعدَ مقالةِ يوسفَ: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ﴾ أي: أجابَه إلى إرادتِه ﴿فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ﴾ بأنْ حالَ بينَهُ وبينَ المعصيةِ.
﴿إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ صِفتان لائقتانِ بقوله: (استجابَ).
...

(١) انظر: "تفسير البغوي" (٢/ ٤٥٩)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٢٩٥)، و"معجم القراءات القرآنية" (٣/ ١٦٨).


الصفحة التالية
Icon