وأبو عمرٍو، ويعقوبُ: (كُذِّبُوا) بالتشديدِ، يعني: الرسلَ ظَنُّوا أنَّ الأممَ قد كَذَّبوهم تكذيبًا لا يُرْجى بعدَهُ إيمانهم، وظَنُّوا بمعنى: أيقنوا، وقرأ الباقون: (كُذِبُوا) بالتخفيف (١)، معناه: ظنَّ الأممُ أن الرسلَ كَذبوا في وعيدِ العذابِ.
﴿جَاءَهُمْ﴾ يعني: الرسلَ ﴿نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ﴾ قرأ ابنُ عامرٍ، وعاصِمٌ، ويعقوبُ: (فَنُجِّيَ) بنونٍ واحدةٍ وتشديدِ الجيم وفتحِ الياء على ما لم يُسَمَّ فاعلُه، وقد أجمعتِ المصاحفُ على كتابتِه بنونٍ واحدة، وقرأ الباقون: بنونينِ، الثانيةُ ساكنةٌ مخفاةٌ عندَ الجيمِ، وتخفيفِ الجيمِ وإسكانِ الياءِ (٢)؛ أي: نحنُ نُنْجِي مَنْ نشاءُ عندَ نزولِ العذابِ، وهم المؤمنون.
﴿وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا﴾ عذابُنا ﴿عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾ أي: المشركينَ.
...
﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (١١١)﴾.
[١١١] ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ﴾ أي: في خبرِ يوسفَ وإخوتِه.

(١) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٣٥١)، و"التيسير" للداني (ص: ١٣٠)، و"تفسير البغوي" (٢/ ٥٠٥)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٢٩٦)، و"معجم القراءات القرآنية" (٣/ ١٩٧)، وأنكرت عائشة رضي عنها قراءة التخفيف كما ذكر البغوي ذلك عنها.
(٢) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٣٥٢)، و"التيسير" للداني (ص: ١٣٠)، و"تفسير البغوي" (٢/ ٥٠٦)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٢٩٦)، و"معجم القراءات القرآنية" (٣/ ١٩٨).


الصفحة التالية
Icon