﴿وَمِنْ وَرَائِهِ﴾ أي: بين يديهِ في كُلِّ وقتٍ يستقبلُه.
﴿عَذَابٌ غَلِيظٌ﴾ وهو الخلودُ في النار.
...
﴿مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (١٨)﴾.
[١٨] ﴿مَثَلُ﴾ أي: صفةُ.
﴿الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ﴾ التقديرُ: مثلُ أعمالِ الذين كفروا.
﴿كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ﴾ أي: قَوِيَتْ عليه ففرَّقَتْهُ.
﴿فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ﴾ ريحُهُ، فحُذِفَتِ الريحُ، ووُصِفَ اليومُ بالعصوفِ مجازًا. قرأ نافعٌ، وأبو جعفرٍ: (الرِّيَاحُ) على الجمع، والباقون: بالإفراد (١). وهذا مثلٌ ضربَهُ اللهُ لأعمالِ الكفارِ، يريدُ أنهم لا ينتفعون بأعمالِهم التي عملوها في الدنيا؛ من الصدقةِ، وصلةِ الرحمِ، وإغاثةِ الملهوفِ، لأنهم أشركوا فيها غيرَ الله، فهي كالرمادِ الذي ذرتْهُ الريحُ، لا ينتفعُ به، فذلك قوله:
﴿لَا يَقْدِرُونَ﴾ في الآخرةِ ﴿مِمَّا كَسَبُوا﴾ في الدنيا ﴿عَلَى شَيْءٍ﴾ أي: لا ينتفعون ثَمَّ بما صنعوا هنا.
﴿ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ﴾ الذي لا تُدْركُ غايتُه فَيُرجَى الخلوصُ منه.

(١) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٣٦٤)، و"الغيث" للصفاقسي (ص: ٢٦٥)، و"معجم القراءات القرآنية" (٣/ ٢٣٣)، وهي بخلاف عن عاصم.


الصفحة التالية
Icon