﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (١٧٥)﴾.
[١٧٥] ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ﴾ أي: اسرُدْ وقُصَّ عليهم، والضميرُ في (عليهم) عائد على حاضري محمدٍ - ﷺ - من الكفارِ وغيرِهم.
﴿نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا﴾ قيلَ: نزلت في أميةَ بنِ أبي الصَّلْتِ، كانَ قد قرأ الكتبَ، وعلمَ أن الله مرسِلٌ رسولًا في ذلك الزّمان، ورجا أن يكونَ هو، فلما بُعِثَ محمدٌ - ﷺ -، حسدَهُ، وكفرَ به، وقيل: نزلتْ في عالمٍ من علماءِ بني إسرائيلَ اسمُه بَلْعَمُ بنُ باعوراءَ، أُوتي علمَ بعضِ كتبِ الله، فطلبَ قومُه منه أن يدعوَ على موسى ومَنْ معه، فأبى، وقالَ: كيف أدعو على مَنْ معه الملائكةُ، فألحوا عليه، فلم يزالوا به حتّى فعلَ، فانقلبَ دعاؤه عليه، وخرجَ لسانُه على صدره، ونزع الله منه المعرفَة.
﴿فَانْسَلَخَ مِنْهَا﴾ فخرجَ من الآياتِ. بكفرِه كما تخرجُ الحيةُ من جلدِها، ولم ينتفعْ بعلمِه (١).
﴿فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ﴾ أي: لحقَه وصارَ قرينًا له.
﴿فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾ الضالِّينَ، وهذه أشدُّ آيةٍ على العلماء، وأيُّ مصيبةٍ أعظمُ من أن يؤتى العالُم علمًا، فيكونَ وبالًا عليه؟!
* * *

(١) انظر: "أسباب النزول" للواحدي (ص: ١٢٦)، و"الدر المنثور" للسيوطي (٣/ ٦٠٨).


الصفحة التالية
Icon