﴿فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٩٠)﴾.
[١٩٠] وروي أن الخبيثَ إبليسَ جاءهما، فقال: إنَّ ولدتِهِ سَوِيًّا، فسميهِ عبدَ الحارثِ، وكانَ اسمُه في الملائكةِ الحارثَ (١).
﴿فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا﴾ كما طلبا.
﴿جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا﴾ بتسميتِهِ عبدَ الحارثِ من غيرِ اعتقادٍ لذلك، وإنّما كان شركًا في التسميةِ والصِّفَة، لا في العبادةِ والربوبية، وجاء في الحديث: "خَدَعَهُا إِبْلِيُس مَرَّتَيْنِ: مَرَّةً فِي الْجَنَّةِ، وَمَرَّةً فِي الأَرْضِ" (٢). قرأ نافعٌ، وأبو جعفرٍ، وأبو بكرٍ عن عاصمٍ (شِرْكًا) بكسر الشين وإسكان الراء مع التّنوين؛ أي: ذوي شركٍ، وهم الشركاء، والباقون: بضمِّ الشينِ وفتح الراء والمدِّ والهمزِ من غيرِ تنوين، على جمع شريك، يعني: إبليس (٣)، وفي الآية قولٌ آخرُ، وهو أن الضميرَ في (آتيتَنا) و (لنكونَنْ) لهما ولأولادِهما، وفي (آتاهما) و (جعلا) لأولادِهما، وفيه حذفُ مضافٍ وإقامةُ المضافِ إليه مقامَه، تقديره: فلما آتى أولادَهما

(١) رواه التّرمذيّ (٣٠٧٧)، كتاب: التفسير، باب: ومن سورة الأعراف، وقال حسن غريب، والإمام أحمد في "المسند" (٥/ ١١)، والطبراني في "المعجم الكبير" (٦٨٩٥)، والحاكم في المستدرك (٤٠٠٣)، عن سمرة بن جندب -رضي الله عنه-. وقد ذكره ابن كثير في "تفسيره" (٢/ ٢٧٥) من ثلاثة أوجه.
(٢) انظر: "تفسير ابن أبي حاتم" (٥/ ١٦٣٥).
(٣) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٢٩٩)، و"التيسير" للداني (ص: ١١١٥، و"تفسير البغوي" (٢/ ١٨١)، و"معجم القراءات القرآنية" (٢/ ٤٢٩).


الصفحة التالية
Icon