﴿وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا (٣٧)﴾.
[٣٧] ﴿وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا﴾ خيلاءَ ﴿إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ﴾ لنْ تقطعَها بكبرِكَ حتى تبلغَ آخِرَها ﴿وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا﴾ أي: لن تقدرَ أن تُجاوزَها أو تسُاويَها بكبرِكَ، وهو تهكُّمٌ بالمختالِ، وملخَّصُه: أنتَ عاجزٌ فلا تتكبَّرْ.
...
﴿كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا (٣٨)﴾.
[٣٨] ﴿كُلُّ ذَلِكَ﴾ المذكورِ من المناهي ﴿كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا﴾ قرأ الكوفيون، وابنُ عامرٍ: (سَيِّئُهُ) بضمِّ الهمزةِ والهاءِ وإلحاقِها واوًا في اللفظِ على الإضافة والتذكيرِ، ومعناه: كلُّ الذي ذكرناه من قوله: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ﴾ (كانَ سيئه)؛ أي: سَيِّئ ما عَدَّدْنا عليكَ عندَ رَبِّكَ مَكْروهًا؛ لأن فيما عدَّ أمورًا حسنةً؛ كقولِه: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ﴾ ﴿وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ﴾ وغير ذلك، وقرأ الباقون: بفتحِ الهمزةِ ونصبِ تاء التأنيثِ معَ التنوين على التوحيدِ (١)، ومعناه: كلُّ الذي ذَكَرْنا من قوله: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ﴾ إلى هذا الموضعِ سيئةً، لا حسنةً، والكلُّ يرجعُ إلى المنهيِّ عنه دونَ غيرِه، ولم يقل: مكروهةً؛ لأن فيه تقديمًا وتأخيرًا، تقديرُه: كل ذلكَ كانَ مكروهًا، سيئةً، وقوله: مكروهًا على التكريرِ لا على الصفةِ، مجازُهُ كلّ ذلكَ كانَ سيئةً، وكانَ مكروهًا، أو رجعَ إلى المعنى دونَ اللفظ؛ لأن السيئةَ الذنبُ، وهو مذكَّرٌ.