فتنةً واختبارًا؛ ليكفرَ مَنْ سبقَ عليهِ الكفرُ، ويصدِّقَ مَنْ سبقَ عليه الإيمانُ (١)، كما رُويَ عن أبي بكرٍ رضي الله عنه ما سبقَ ذكرُه في قصةِ المعراجِ، قالَ الكواشيُّ رحمه الله: لو نظرَ، يعني: أبا جهلٍ، النظرَ الصحيحَ، لما استبعدَ ذلك؛ لأنه يمكنُ وجودُ جسمٍ لطيفٍ في النارِ لا يحترقُ كالسَّمَنْدَرِ وَبْرُ دُوَيْبَةٍ تكونُ ببلادِ التركِ لا تؤثرُ فيهِ النارُ، وتُتَّخَذُ منهُ مناديلُ، فإذا اتَّسَخَت المنديلُ، أُلقيتْ في النارِ، فيذهبُ الوسخُ ويبقى المِنْديل، وأعجبُ من ذلكَ أكلُ النَّعامِ النارَ والحديدَ المحمَّى، انتهى.
﴿وَنُخَوِّفُهُمْ﴾ بأنواعِ التخويفِ ﴿فَمَا يَزِيدُهُمْ﴾ تخويفُنا.
﴿إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا﴾ تمرُّدًا وعُتُوًّا عَظيمًا.
...
﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (٦١)﴾.
[٦١] ﴿وَإِذْ قُلْنَا﴾ أي: واذكرْ إِذْ قُلْنا ﴿لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا﴾ أي: خلقتَهُ من طينٍ، وثُصِبَ بنزعِ الخافضِ، وقاسَ إبليسُ في هذهِ النازلةِ فأَخطأَ، وذلك أنه لما رأى الفضيلةَ لنفسِه من حيثُ رأى أن النارَ أفضلُ من الطين، وجهلَ أنَّ الفضائل في الأشياءِ إنما تكونُ حيثُ خَصَّها الله تعالى، ولا يُنْظَرُ إلى أُصولها. واختلافُ القراءِ في: (أَأَسْجُدُ) كاختلافِهم في ﴿أَأَنْذَرْتَهُمْ﴾ في سورةِ البقرةِ [الآية: ٦]، وتقدَّمَ مذهبُ أبي جعفرٍ في ضمِّ التاءِ من قوله (لِلْمَلاَئِكَةُ اسْجُدُوا) في سورةِ البقرةِ.