﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ﴾ إلى آخرِها، فأرسلَ عظيمُ الرومِ إليه أنَّ هذا الجوابَ لا يَكْفيني، وإنما أريدُ جوابًا أفهمُه، فقال الإمام عمرُ: "لا أعرفُ غيرَ ذلك"، وكان ذلكَ بحضورِ الإمامِ عليِّ بنِ أبي طالب رضي الله عنه، فاستأذنَ الإمامُ عمرُ في ردِّ جوابِ عظيمِ الرومِ، فأذِنَ له، فكتب: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الروحُ لطيفةٌ ربانيةٌ، نزلَتْ من الخزائنِ الرحمانية، أُودِعَتْ في الهياكلِ الجثمانيةِ، ضَمِنَ لها رزقَها، وجعلهَا عندَكَ رَهْنًا، فإذا وفي بما ضمِنَ، أَخذَ ما رَهَنَ"، انتهى.
...
﴿وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا (٨٦)﴾.
[٨٦] ﴿وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾ من القرآنِ كما منعْنا علمَ الروحِ عنكَ وعن غيرِكَ، اللامُ في (لَنَذْهَبَنَّ) جوابُ قسمٍ محذوفٍ مع نيابتِه عن جزاءِ الشرطِ، تقديرُه: واللهِ إنْ شِئْنا ذَهَبْنا بالقرآنِ، ومَحَوْناهُ من الصدورِ والمصاحِف.
﴿ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا﴾ أي: من يتوكَلُ بردِّ القرآن إليك.
...
﴿إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا (٨٧)﴾.
[٨٧] ﴿إِلَّا رَحْمَةً﴾ استثناء منقطع، أي: لكن لا نشاء ذلك.
﴿مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا﴾ كإنزالِه عليكَ، وإبقائِه في حفظِك.