فلما رأى ذلك أهل الشدة في الإيمان بالله، جعلوا يسلمون أنفسهم للعذاب والقتل، فيقتلون ويقطعون، ثم يربط ما قطع من أجسامهم على سور المدينة من نواحيها، وعلى كل باب من أبوابها، حتى عظمت الفتنة، فلما رأى ذلك هؤلاء الفتية، حزنوا حزنًا شديدًا، وأقبلوا على الصيام والقيام والتسبيح والدعاء، وكانوا سبعة في قول ابن عباس، وأسماؤهم عنده: مكشلمينا، ويمليخا، ومرطونس، ونينوس، وسارينوس، ودوانوانس، وكفشططيوش، وقيل: كانوا ثمانية، وكثر الاختلاف في أسمائهم وأنسابهم وحِرفهم واسم كلبهم ولونه (١).
﴿فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ﴾ من عندك ﴿رَحْمَةً﴾ أي: رزقًا.
﴿وَهَيِّئْ﴾ وأصلح ﴿لَنَا مِنْ أَمْرِنَا﴾ الذي نحن فيه، وهو الإيمان وترك الكفر.
﴿رَشَدًا﴾ صوابًا، أي: اجعلنا راشدين. قرأ أبو جعفر (وَهَيِّي) و (يُهَيِّي) بإسكان الياء الثانية بغير همز (٢).
فظهر عليهم، وحملوا إلى الملك فقال: اختاروا إما أن تذعنوا لآلهتنا،
(٢) انظر: "النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (١/ ٣٩٠)، و"معجم القراءات القرآنية" (٣/ ٣٤٩، ٣٥١).