في أنفسهم يسير، فقال لهم (١) صاحب نفقتهم: إن الملك أراد قتلكم، أو تذبحوا للطواغيت، فقال كبيرهم: يا إخوتاه! اعلموا أنكم ملاقو الله، فلا تكفروا بعد إيمانكم إذا دعاكم عدو الله، ثم قالوا لصاحب نفقتهم: انطلق إلى المدينة فتسمَّعْ ما يقال بها، وما الذي نُذكر به عند دقيانوس، وتلطف، ولا تشعرن بك أحدًا، وابتع لنا طعامًا فأتنا به، وزدنا على الطعام الذي جئتنا به، فقد أصبحنا جياعًا، ففعل كما كان يفعل، ووضع ثيابه (٢) وأخذ الثياب التي كان يتنكر فيها، وأخذ وَرِقًا من نفقتهم التي كانت معهم التي ضربت بطابع دقيانوس، وانطلق خارجًا، فلما مر بباب الكهف، رأى الحجارة منزوعة عن بابه، فعجب منها، ثم مر ولم يبال بها حتى أتى باب المدينة، فنظر في أعلى الباب علامة أهل الإيمان، فاستخفى وتحول إلى باب آخر، فرأى مثل ذلك، حتى خُيلَ إِليهِ أن المدينة ليست بالذي كان يعرف، ورأى ناسًا يحلفون باسم عيسى، ولم يميز منهم أحدًا، فازداد حيرة، وظن أنه نائم، فسأل عن اسم المدينة، فقيل له: أقسوس، فقال: لعل عقلي ذهب، فدفع الورق إلى البياع ليشتري طعامًا، فعجب البياع من الورق، وطرحها إلى رجل من أصحابه، فجعلوا ينظرون إليها، ويقول بعضهم لبعض: إن هذا رجل قد أصاب كنزًا، وجعل أهل المدينة يقولون: ما رأينا هذا الفتى قط، فحملوه إلى رجلين كانا رأسي المدينة ومدبري أمرها، وهما صالحان، اسم أحدهما أزيوس، والآخر أضطيوس، فنظرا إلى الورق، فعجبا منه، فقال أحدهما: أين الكنز يا فتى؟ فقال: ما وجدت
(٢) "ثيابه" زيادة من "ت".