﴿مُدْبِرِينَ﴾ إلى عيدكم، وكان لهم في كل سنة مجمع وعيد، فكانوا إذا رجعوا من عيدهم، دخلوا على الأصنام، فسجدوا لها، ثم عادوا إلى منازلهم، فلما كان ذلك العيد، قال أبو إبراهيم له: يا إبراهيم! لو خرجت معنا إلى عيدنا، لأعجبك ديننا، فخرج معهم إبراهيم، فلما كان في بعض الطريق، ألقى نفسه وقال: ﴿إِنِّي سَقِيمٌ﴾ [الصافات: ٨٩] يقول: أشتكي رجلي، فلما مضوا، نادى في آخرهم، وقد بقي ضَعِيفُو الناس: ﴿وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ﴾ فسمعوها منه.
...
﴿فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (٥٨)﴾ [الأنبياء: ٥٨].
[٥٨] ثم رجع إبراهيم إلى بيت الآلهة، وكانوا قد وضعوا طعامهم لدى أصنامهم زعموا التبرك عليه، فإذا رجعوا، أكلوه، فلما لم يبق عندهم أحد، أخذ الفأس ودخل عليهم، والطعام لديهم، وقال استهزاء بهم: ﴿أَلَا تَأكُلُونَ﴾ [الصافات: ٩١]، فلم يجيبوه، فأكبَّ عليهم به (١).
﴿فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا﴾ فتاتًا. قرأ الكسائي: بكسر الجيم، والباقون: بضمها، وهما لغتان معناهما واحد (٢)، وقوله: ﴿فَجَعَلَهُمْ﴾ ونحوه معاملة للأصنام بحال من يعقل؛ من حيث كانت تُعبد وتُنزل منزلة من يعقل.
(٢) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٤٢٩)، و"تفسير البغوي" (٣/ ١٦٤)، و"معجم القراءات القرآنية" (٤/ ١٤٠).