وفي بعض الأخبار: أن الله تعالى رفع الحجاب بين إبراهيم وسارة حتى ينظر إليها من وقت خروجها من عنده إلى وقت انصرافها؛ كرامة لهما صلوات الله عليهما، وتطييبًا لقلب إبراهيم عليه السلام.
ثم سار إبراهيم من مصر إلى الشام، وأقام بين الرملة وإيليا، فهو أول من هاجر من وطنه في ذات الله، والحديث الوارد أنه لم يكذب إلا ثلاث كذبات ليس هذا من باب الكذب الحقيقي الذي يُذم فاعله، وإنما أطلق الكذب على هذا تجوزًا، ويجوز أن يكون الله عز وجل أذن له في ذلك لقصد الصلاح، وتوبيخهم، والاحتجاج عليهم؛ كما أذن ليوسف عليه السلام حتى أمر مناديه فقال لإخوته: ﴿أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ﴾ [يوسف: ٧٠]، ولم يكونوا سرقوا (١).
...
﴿فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ (٦٤)﴾ [الأنبياء: ٦٤].
[٦٤] ﴿فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ﴾ أي: فتفكروا بقلوبهم، ورجعوا إلى عقولهم.
﴿فَقَالُوا﴾ ما نراه إلا كما قال ﴿إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ﴾ بعبادتكم من لا يتكلم.
...
(١) انظر: "تفسير البغوي" (٣/ ١٦٥).