﴿مِمَّا فِي بُطُونِهِ﴾ أي: بطونِ الأنعامِ؛ لأنه يُذَكَّرُ ويؤنَّثُ، فمن أَنَّثَ فلمعنى الجمعِ، ومن ذَكَّرَ فلحكمِ اللفظِ.
﴿مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ﴾ هو ما في الكرشِ من السّرجينِ.
﴿وَدَمٍ﴾ المعروفِ، وذلك أن الكرشَ إذا طحنَتِ العلفَ، صارَ أسفلُه فرثًا، وأوسطُه ﴿لَبَنًا خَالِصًا﴾ لا يشوبُه شيءٌ، وأعلاه دمًا، وبينها حاجزٌ من قدرةِ اللهِ تعالى، لا يختلطُ أحدُها بالآخرِ بلونٍ ولا طعمٍ ولا رائحةٍ، معَ شدةِ الاتصال، والكبدُ مسلَّطَةٌ عليها، تقسمِهُا بقدرةِ اللهِ تعالى، فَتُجري الدمَ في العروقِ، واللبنَ في الضَّرْع، ويبقى الفرثُ في الكرشِ، فسبحانَ القادرِ على ما يشاءُ.
﴿سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ﴾ سَهْلًا لا يغصُّ بهِ شاربُهُ. قرأ ابنُ ذكوانَ عن ابنِ عامرٍ: (لِلشَّارِبِينَ) بالإمالة، بخلافٍ عنه (١)، فيه دليلٌ لمن يقولُ بطهارةِ مَنِيِّ الآدمِيِّ، وإن جرى مجرى البولِ؛ لأنه لا يمتنعُ خروجُه طاهرًا وإن جرى مجرى البول، كما لا يمتنعُ خروجُ اللبنِ من بينِ الفرثِ والدمِ طاهرًا، وهو مذهبُ الشافعيِّ وأحمدَ، وقالَ أبو حنيفةَ ومالكٌ: هو نجسٌ إلَّا أن أبا حنيفة عندَه إِنْ كانَ رَطْبًا غُسِلَ، وإن كان يابِسًا فُرِكَ، وعندَ مالكٍ يُغْسَلُ رَطَبًا ويابِسًا.
...

= كذا في "تفسير القرطبي" (١٠/ ١٢٣).
(١) انظر: "النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٦٥)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: ٢٧٩)، و"معجم القراءات القرآنية" (٣/ ٢٨٨).


الصفحة التالية
Icon