سقط في النار، تلقته الملائكة، فأجلسوه على الأرض، فإذا بعين ماء عذب وروضة وورد ونرجس، فأقام بها سبعة أيام، وجاءه ملك بقميص من حرير الجنة، وطنفسة، فألبسه القميص، وأجلسه على الطنفسة، وجعل يحدثه ويقول له: إن ربك يقول لك: أما علمت أن النار لا تضر أحبابي" (١).
وروي أنه قال: "ما كنت قط أنعمَ مني من الأيام التي كنتُ فيها في النارِ" (٢).
...
﴿وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (٧٠)﴾ [الأنبياء: ٧٠].
[٧٠] فلما رأوه، وقد أكرمه الله بما كرمه، آمن بالله جمع كبير في سر؛ خوفًا من نمرود، وخرج إبراهيم من مكانه يمشي، وفارقه جبريل عليه السلام، فأقبل نحو منزله، فأرسل إليه نمرود وسأله عن كسوته ورفيقه، فقال: "إنه ملك أرسله إلي ربي، وقص عليه القصة"، فقال نمرود: إن إلهك الذي تعبده لإله عظيم، وإني مقرب قربانًا إليه؛ لما رأيت من عزته وعظمته وقدرته فيما صنع بك حين أبيت إلا عبادته (٣)، فقرب أربعة آلاف بقرة، ثم احترم إبراهيم بعد ذلك، وكف عنه، وقد عذب الله النمرود بإرسال البعوض عليه وعلى جيشه، فأكلت لحومهم ودماءهم، وتركتهم عظامًا، ودخلت واحدة منها في منخر الملك نمرود، فلبثت في منخره، عذبه الله بها، فكان يضرب رأسه بالمرازب حتى أهلكه الله عز وجل،
(٢) رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (١٧/ ٤٤) عن المنهال بن عمرو.
(٣) "إلا عبادته" زيادة من "ت".