﴿لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (٣٧)﴾.
[٣٧] ﴿لَنْ يَنَالَ اللَّهَ﴾ لن ترفع إليه ﴿لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا﴾ وذلك أن الجاهلية كانوا إذا نحروا البدن، لطخوا الكعبة بدمائها قربة إلى الله تعالى، فنزلت الآية: ﴿وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ﴾ (١) يعني: النية والإخلاص، وما أريد به وجه الله. قرأ يعقوب: (لَنْ تنَالَ) (وَلَكِنْ تنَالُهُ) بالتاء على التأنيث فيهما؛ لتأنيث الجماعة، وتأنيث التقوى، وقرأهما الباقون: بالياء على التذكير (٢).
﴿كَذَلِكَ سَخَّرَهَا﴾ يعني: البدن ﴿لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾ لأعلام دينه، ومناسك حجه، وهو أن يقول: الله أكبر على ما هدانا، والحمد لله على ما أبلانا وأولانا، وقيل: التسمية والتكبير. على الهدي والأضحية أن يقول الذابح: بسم الله والله أكبر ﴿وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ﴾ الموحدين، روي أن قوله: ﴿الْمُحْسِنِينَ﴾ نزل في الخلفاء الأربعة كما تقدم في المخبتين، فأما ظاهر اللفظ، فمقتض للعموم في كل محسن.
...
﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (٣٨)﴾.

(١) انظر: "تفسير البغوي" (٣/ ٢٢١)، و"تفسير البيضاوي" (٤/ ١٢٨)، و"عمدة القاري" للعيني (١٠/ ٢٧).
(٢) انظر: "تفسير البغوي" (٣/ ٢٢١)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٣٢٦)، و"معجم القراءات القرآنية" (٤/ ١٨٣).


الصفحة التالية
Icon