عليه، ودليل أبي حنيفة على عدم قبول شهادته على التأبيد قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا﴾، وذكره بالتأبيد يدل على أنها لا تقبل في كل حال، والاستثناء منصرف إلى ما يليه، وهو قوله تعالى: ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا﴾، ومن قال بقبول شهادته إذا تاب، قال: لأن الله تعالى استثنى التائبين عقب النهي بقوله: ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا﴾.
...
﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٦)﴾.
[٦] ولما نزلت هذه الآية في الذين يرمون المحصنات، تناول ظاهرها الأزواج وغيرهن، فقال سعد بن عبادة: يا رسول الله! إن وجدتُ مع امرأتي رجلًا، أُمهله حتى آتي بأربعة شهداء! واللهِ لأضربنه بالسيف غير مصفح، فقال رسول الله - ﷺ -: "أتعجبون من غيرة سعد؟ لأنا أغيرُ منه، والله أغيرُ مني" (١)، ثم جاء بعد ذلك هلال بن أمية إلى النبي - ﷺ -، فرمى زوجته خولة بشريك بن سمحاء، فعزم النبي - ﷺ - على ضربه حد القذف، فنزل قوله تعالى:
﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ﴾ (٢) أي: يقذفون نساءهم ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ﴾ يشهدون على صحة ما قالوا ﴿إِلَّا أَنْفُسُهُمْ﴾ أي: غيرُ أنفسهم. واختلاف
(٢) رواه البخاري (٤٤٧١)، كتاب: التفسير، باب: ﴿وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ﴾، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-.