﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (٣٢)﴾.
[٣٢] ﴿وَأَنْكِحُوا﴾ أي: زَوِّجوا ﴿الْأَيَامَى مِنْكُمْ﴾ جمع أَيِّم، وهو من لا زوج له من الرجال والنساء، بكرًا كان أو ثيبًا.
﴿وَالصَّالِحِينَ﴾ أي: الخيرين ﴿مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ﴾ اتفق الأئمة على أن النكاح سنة؛ لقوله - ﷺ -: "من أحبَّ فطرتي، فليستنَّ بسنتي (١)، ومن سُنَّتي النكاحُ" (٢)، فإن كان تائقًا يخاف العنت، وهو الزنا، وجب عليه عند أبي حنيفة وأحمد، وقال مالك والشافعي: وهو مستحب لمحتاج إليه يجد أهبته، ومن لم تتق نفسه إليه، فقال أبو حنيفة وأحمد: النكاح أفضل له من نفل العبادة، وقال مالك والشافعي: بعكسه، وعند الشافعي: إن لم يتعبد، فالنكاح أفضل.
واختلفوا في تزويج المرأة نفسَها، فأجازه أبو حنيفة؛ لقوله تعالى: ﴿فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٣٢] نهى الرجال عن منع النساء عن النكاح، فدل على أنهن يملكن النكاح، وقوله تعالى: ﴿حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ [البقرة: ٢٣٠]، أضاف النكاح إلى المرأة أيضًا، ولقوله - ﷺ -: "الأَيِّمُ أَحَقُّ بنفسها من وليها، والبكرُ تُستأمر بنفسها، وإذنُها صُماتُها" (٣)،
(٢) رواه عبد الرزاق في "المصنف" (١٠٣٧٨)، وأبو يعلى في "مسنده" (٢٧٤٨)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٧٧)، عن عبيد بن سعد مرسلًا.
(٣) رواه مسلم (١٤٢١)، كتاب: النكاح، باب: استئذان الثيب في النكاح بالنطق، والبكر بالسكوت، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-.